المادة بمقدار أكبر أو أصغر من غير انضياف شيء إليها ، أو انفصال شيء عنها وقد يكونان مشهوريين بأن ينفصل منه شيء ، أو تندمج أجزاءه ، أو ينضاف إليه شيء من خارج ، أو تتنفش (١) أجزاؤه ، وحينئذ يندفع الإشكال.
ويضعّف بأنّه مبني على المادة ، وسيأتي إبطالها.
وعلى ـ السادس ـ بأنّ العلّة لو كانت خلو القارورة لما وجب صعود الماء إليها ، لأنّ الهواء الخارج قد وجد مكانا فارغا في العالم ، وفراغ بعض القارورة أمر ممكن ، وليس من شأن الماء الصعود ، فلو لا امتناع الخلاء لما صعد ، فهو يدل على الملاء لا على الخلاء.
وتحقيق الجواب : أنّ المادة الواحدة قد تتصف بمقدار عظيم بعد صغير ، ولا بدّ وأن يكون أحدهما طبيعيا والآخر قسريا ، كما في الكيفيات من كون بعض الأجسام يستحق بطبعه الحرارة وبعضها البرودة ، فإذا خرج بعض الهواء من القارورة بالمصّ ، اكتسب الهواء الباقي في القارورة مقدارا أكبر بالقسر ، خصوصا وحركة المصّ توجب السّخونة المقتضية للتخلخل وعظم المقدار ، فلا يلزم الخلاء.
ولمّا كان هذا المقدار قسريا كان في طبيعة الهواء اقتضاء العود إلى المقدار الأوّل الطبيعي ، فإذا لقيه برد الماء تكاثف الهواء ، وعاد إلى مقداره الأوّل الطبيعي له ، فيتصاعد الماء لضرورة الخلاء. ويدل على هذا التخلخل والتكاثف بالمعنى الحقيقي هنا ، أنّا إذا جعلنا قارورة ضيّقة الرأس فنفخنا فيها ، ووضعنا الإصبع مع قطع النفخ سريعا على فمها لئلا يخرج ما نفخنا فيها ، دخل هواء أزيد مما كان قبل
__________________
(١) نقش القطن أو الصوف : فرّقه ، إذا مدّه حتى يتجوف. وكلّ شيء تراه منتبرا رخو الجوف ، فهو منتقش. (لسان العرب ، مادة نفش).