صفات غير متناهية. وأيضا نعلم بالبديهة أنّ مراتب الأعداد غير متناهية. ونعلم بالضرورة أنّ تضعيف الألف مرارا غير متناهية أقل من تضعيف الألفين كذلك. ونعلم أنّ الحركات الحادثة في المستقبل أو (١) التي يمكن حدوثها لا نهاية لها مع احتمالها للزيادة والنقصان.
فإذن هذه المقدمة برهانية ، وإنّما يتم البرهان مع التطبيق ، لأنّ الموجب للتناهي هو أنّه يجب انتهاء الناقص إلى حد لا يبقى منه شيء ويبقى بعده من الزائد ، وهذا إنّما يجب لو تعذّر وقوع جزء من الجملة الناقصة في مقابلة الجزءين من الجملة الزائدة ، فإن كان ذلك ممكنا لم يجب انتهاء الناقص إلى حد لا يبقى منه شيء ويبقى بعده من الزائد شيء. وذلك إنّما يتحقق فيما يحتمل الانطباق ؛ لأنّه إذا فرض جزء من الجملة الزائدة منطبقا على جزء من الجملة الناقصة استحال أن ينطبق جزء آخر من الجملة الزائدة على ذلك الجزء من الجملة الناقصة ، لاستحالة حصول الجسمين في حيّز واحد ، فإذا صار جزء من الجملة الناقصة مشغولا بمماسة جزء من الجملة الزائدة ، استحال أن يصير هو بعينه مشغولا بمماسة جزء (٢) آخر ، بل المشغول بمماسة جزء آخر من الجملة الزائدة جزء آخر من الجملة الناقصة، وذلك يوجب أن ينتهي الناقص إلى حدّ ينقطع ويبقى بعد ذلك من الجملة الزائدة مقدار الزيادة. فأمّا الأمور التي لا يفرض فيها الانطباق فليس هناك بين أجزاء الجملتين مماسة حتى تكون مماسة جزء جزءا تمنعه من أن يماسّه جزء آخر ، بل ليس بينهما نسبة إلّا باعتبارين :
الأوّل : كون كلّ واحد منهما مثلا لصاحبه ، لكن لا يلزم من كون الشيء مثلا لشيء أن لا يكون مثلا لغيره. أمّا في المقادير فإنّ الجزء المشغول بمماسة جزء
__________________
(١) في المصدر : «أي».
(٢) في النسخ «جسم» ولعل الصواب ما أثبتناه من المصدر.