.................................................................................................
______________________________________________________
الإيجاب والموت ـ لا كلام فيهما. إنّما الكلام في دخل قبول الموصى له في تملكه للموصى به. فإن كانت الوصية لجهة عامّة كالفقراء والمساجد انتقل المال إليها بوفاة الموصى ، ولم يفتقر إلى القبول بلا خلاف كما في المسالك (١).
وإن كانت الوصية لمعيّن ـ كزيد ـ اعتبر قبوله أو عدم ردّه.
وبناء على اعتبار القبول ، اختلفوا في كيفية دخله على أوجه ثلاثة ذكرها صاحب المقابس. وعدّ الوصية من موجبات نقص الملك ناظر إلى بعضها.
الأوّل : كون القبول كالموت شرطا في انتقال المال إلى الموصى له ، فلو سبق قبوله موت الموصى أو قارنه تملّكه ، وإن تأخّر القبول عن الموت دخل في ملك الوارث ملكية متزلزلة. فإن قبل الموصى له انتقل إليه ، وإن ردّ الوصية صار ملكا لازما للوارث. فإن باعه الوارث قبل قبول الموصى له احتمل فساده رأسا ، لتعلق حق الغير به.
واحتمل صحة البيع ، لكنّها موقوفة على أحد الأمرين : إمّا على إجازة الموصى له ـ لو قبل الوصية ـ فيقع البيع له. وإمّا على ردّه للوصية ، فيقع البيع للوارث.
ويحتمل التفصيل بين ردّ الوصية ، فيصح البيع ، ويقع للوارث ، لاستقرار الملك له حينئذ. وبين قبول الوصية ، فيبطل البيع حتى لو أجازه ، لعدم كون الموصى حال البيع مالكا للمبيع بعد فرض انتقال المال إلى الوارث بموت الموصى وعدم قبول الموصى له.
وقد تقدم في مسألة «من باع ثم ملك» اعتبار كون المجيز أهلا للإجازة حين البيع ، وعدم كفاية أهليته لها حال الإجازة (٢).
الاحتمال الثاني : أنّ القبول شرط للزوم الملك لا الصحة الوصية ، فالمال ينتقل بالموت إلى الموصى له قبل قبوله ، كتملّك الوارث قهرا بموت مورّثه. فإن قبل الموصى له كان بيع الوارث فضوليا منوطا بإجازة من اوصى له. وإن ردّ الوصية اندرج بيع الوارث في مسألة «من باع ثم ملك».
الاحتمال الثالث : أنّ القبول كاشف عن انتقال المال بموت الوصي إلى الموصى له ،
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ٦ ، ص ١٢١.
(٢) راجع هدى الطالب ، ج ٥ ، ص ٢٤٤ ـ ٣٣٦.