بله أن يصنّف (١) فيه ويقدم على تفسير كتاب الله تعالى (٢). وقد سردت هذه الصفات كليا من غير عاطف إلا (قابِلِ التَّوْبِ) قال بعضهم : وإنما عطف لاجتماعهما وتلازمهما وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر وقطع «شديد» عنهما فلم يعطف لانفراده (٣).
قال أبو حيان : وفيه نزعة اعتزالية ، ومذهب أهل السنة جواز الغفران للعاصي وإن لم يتب إلا الشرك (٤). قال شهاب الدين : وما أبعده عن نزعة الاعتزالية. ثم أقول : التلازم لازم من جهة أنه تعالى متى قبل التوبة فقد غفر الذنب وهو كاف في (٥) التّلازم.
قال الزمخشري فإن قلت : ما بال الواو في قوله : (وَقابِلِ التَّوْبِ)؟ قلت : فيها نكتة جليلة (٦) وهي إفادة الجمع للمذنب والتائب بين رحمتين بين أن يقبل توبته فيقبلها فيكتبها له طاعة من الطاعات وإن لم يجعلها محّاءة للذنوب كمن لم يذنب كأنه قال : جامع المغفرة والقبول انتهى(٧).
وبعد هذا الكلام الأنيق وإبراز هذه المعاني الحسنة قال أبو حيان : وما أكثر تهجّح (٨) هذا الرجل وشقشقته ، والذي أفاد : أن الواو للجمع وهذا معروف من ظاهر علم النحو. قال شهاب الدين : وقد أنشدني بعضهم رحمهالله (٩) :
٤٣١٨ ـ وكم من عائب قولا صحيحا |
|
وآفته من الفهم السّقيم (١٠) |
(وآخر) (١١) :
٤٣١٩ ـ قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد |
|
وينكر الفم طعم الماء من سقم (١٢) |
والتّوب (يحتمل) (١٣) أن يكون اسما مفردا مرادا به الجنس كالذّنب ، وأن يكون
__________________
(١) في ب : يضيف لا يصنف وقوله : «حَكِيمٍ عَلِيمٍ» من الآية ٦ من سورة النمل ،«ومَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» من الآية ٥٥.
(٢) وانظر البحر ٧ / ٤٤٨.
(٣) نقله أبو حيان في مرجعه السابق عن صاحب الغنيان ولم أعرفه هو ولا مؤلفه.
(٤) انظر البحر المرجع السابق وتحفة المريد على جوهرة التوحيد ٢ / ٥ : ١٣ وانظر في هذا أيضا الدر المصون ٤ / ٦٧٥.
(٥) المرجع السابق.
(٦) كذا في الكشاف وفي النسختين حائلة.
(٧) الكشاف ٣ / ٤١٣.
(٨) في البحر تلمح وانظر البحر المرجع السابق.
(٩) في الدر المصون «ولله القائل» انظر الدر ٤ / ٦٧٥.
(١٠) جاء به المؤلف تبعا لشهاب الدين في رده على أبي حيان شيخه في تحامله على الزمخشري والبيت من تمام الوافر وهو لأبي الطيب المتنبي وانظر المحتسب ٢ / ١٩ والدر المصون ٣ / ٦٧٦ وديوانه ٣ / ٣٤٦.
(١١) سقط من ب.
(١٢) شاهده كسابقه في رد شهاب الدين السّمين مدافعا عن الزمخشري وهو من بردة المديح المشهورة للإمام البوصيري. وهو من البسيط. البردة ١٨ والدر المصون ٤ / ٦٧٦ والديوان ١٩٧.
(١٣) سقط من ب.