٤٣٣٧ ـ تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا |
|
فقلنا عبيد الله ذلكم الرّدي (١) |
وقال آخر :
٤٣٣٨ ـ تنادوا بالرّحيل غدا |
|
وفي ترحالهم نفس (٢) |
وقرأ ابن عباس والضحاك والكلبي وأبو صالح وابن مقسم والزعفراني (٣) في آخرين بتشديدها(٤) مصدر تنادّ من : ندّ البعير إذا هرب ونفر ، وهو في معنى قوله تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) [عبس : ٣٤] الآيات ويدل على صحة هذه القراءة قوله تعالى بعد ذلك : (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ). قال أبو علي : التّنادي مخففا من التناد من قولهم ندّ فلان إذا هرب (٥). وفي الحديث : «إنّ للنّاس جولة يندّون يظنّون أنّهم يجدون مهربا» (٦). وقال أمية بن أبي الصّلت :
٤٣٣٩ ـ وبثّ الخلق فيها إذ دحاها |
|
فهم سكّانها حتّى التّنادي (٧) |
قوله : (يَوْمَ تُوَلُّونَ) يجوز أن يكون بدلا من (يَوْمَ التَّنادِ)(٨) وأن يكون منصوبا بإضمار «أعني» (٩). ولا يجوز أن يكون عطف بيان ، لأنه نكرة وما قبله معرفة ، وقد تقدم (١٠) في قوله (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) أن الزمخشري جعله بيانا مع تخالفهما
__________________
(١) من الطويل لدريد بن الصّمّة والرواية : فقلت أعبد الله بالاستفهام. والرّدي الهالك من الرّدى وهو الهلاك. وشاهده تنادوا أي نادى بعضهم بعضا ، وانظر الأصمعيات ١٠٨ والبحر ٧ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٤ / ٦٩٢.
(٢) شاهده كسابقه من أن «تنادوا» بمعنى نادى بعضهم البعض ومعنى البيت كسابقه في التحسر على الفراق وهو من مجزوء الوافر ولم أعلم قائله ؛ وانظر المحتسب ٢ / ٣٢٥ ، وسر الصناعة ١ / ٢٣٦ والخزانة ٩ / ١٨٣ والأشباه والنظائر ٤ / ٢٠٠ ودرة الغواص ١٧٦ والدر المصون ٤ / ٦٩٢.
(٣) الحسين بن مالك أبو عبد الله الزعفراني مقرىء شهير ، له اختيار في القراءة قرأ عليه أبو نصر عبد الملك بن حاشد وقرأ اختيار العباس بن الفضل على عبد الله بن عبد الرحمن انظر غاية النهاية ١ / ٢٤٩.
(٤) من القراءة الشاذة غير المتواترة وإن كانت اللغة تبيحها انظر مختصر ابن خالويه ١٣٢ ، والمحتسب ٢ / ٢٤٣ و ٢٤٤ ، واللسان ندد ٤٣٨١ ، ومعاني الفراء ٣ / ٧ والكشاف ٣ / ٤٢٦ ومعاني الزجاج ٤ / ٤٧٣.
(٥) الرازي ٢٧ / ٦١.
(٦) الحديث رواه أبو حيان بدون سند عن الرسول ٧ / ٤٦٤ ، وهو بالمعنى من حديث طويل رواه العلامة السيوطي في الدر المنثور ٢٤ / ٢٨٦.
(٧) من الوافر له ودحاها أي بسطها أي الأرض وهو مثل : «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها» وشاهده في كلمة التنادي حيث ينادي بعضهم بعضا يوم القيامة وانظر البحر ٧ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٤ / ٦٩٣ والقرطبي ١٥ / ٣١٠.
(٨) التبيان ١١١٨ ، ١١١٩ والدر المصون السابق والبيان ٢ / ٣٣١.
(٩) الدر المرجع السابق.
(١٠) وقد سبق رأي الزمخشري في هذه الآية وانظر الكشاف ١ / ٤٤٧.