الثاني : أن مثل زائدة (١) تقديره : الجنّة التي وعد المتقون فيها أنهار. ونظير زيادة مثل هنا زيادة «اسم» في قوله :
٤٤٦٧ ـ إلى الحول ثم اسم السّلام عليكما |
|
......... (٢) |
الثالث : أن مثل الجنة مبتدأ ، والخبر قوله : (فِيها أَنْهارٌ)(٣) ، وهذا ينبغي أن يمتنع ؛ إذ لا عائد من الجملة إلى المبتدأ ، ولا ينفع كون الضمير عائدا على ما أضيف إليه المبتدأ.
الرابع : أن مثل الجنة مبتدأ خبره (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ)(٤) فقدره ابن عطية : أمثل أهل الجنة كمن هو خالد (فِي النَّارِ) (فقدر (٥) حرف الإنكار ومضافا ليصحّ.
وقدره الزمخشري أمثل الجنة كمن جزاؤه (٦) من هو خالد) والجملة من قوله : (فِيها أَنْهارٌ) على هذا فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : هي حال من الجنة ، أي مستقرة فيها أنهار.
الثاني : أنها خبر لمبتدأ مضمر ، أي هي فيها أنهار ، كأن قائلا قال : ما فيها؟ فقيل : فيها أنهار (٧).
الثالث : أن تكون تكريرا للصلة ، لأنها في حكمها ، ألا ترى إلى أنه يصح قولك : التي فيها أنهار (٨).
وإنما أعري (٩) قوله مثل الجنة تصوير المكابرة من أن يسوّي بين المستمسك بالبينة وبين التابع هواه ، كمن يسوّي بين الجنة التي صفتها كيت وكيت وبين النار التي صفتها أن يسقي أهلها الحميم. ونظيره قول القائل ـ رحمهالله ـ :
٤٤٦٨ ـ أفرح أن أرزأ الكرام وأن |
|
أورث ذودا شصائصا نبلا (١٠) |
__________________
(١) التبيان ١١٦١.
(٢) صدر بيت من الطويل للبيد عجزه :
......... |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
والشاهد : زيادة اسم في الكلام. وانظر الخصائص ٣ / ٢٩ ، وابن يعيش ٣ / ١٤ والهمع ٢ / ٤٩ والتبيان ١١٦١ والأشموني ٢ / ٢٤٣ والديوان ٢١٤ إحسان عباس ـ الكويت ١٩٦٢ م.
(٣) التبيان المرجع السابق.
(٤) هذا رأي أبي حيان في البحر ٨ / ٧٨.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٦) الكشاف ٣ / ٥٣٣.
(٧) البحر المرجع السابق.
(٨) السابق.
(٩) كذا في (أ) وفي (ب) والكشاف عري.
(١٠) سبق هذا البيت أنه لحضرمي بن عامر اليهودي وأنه من بحر المنسرح وأتى به ههنا شاهدا على حذف الإنكار كما بينه أعلى. وانظر البيت في الكشاف ٣ / ٥٣٢ ، وشرح شواهده ٤ / ٤٩٦ والبحر ٨ / ٧٨ وأدب الكاتب ١٧٨ و ١٧٩.