وقد تقدم الكلام في الشعراء على نظير : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ)(١).
قوله : «ومقام» العامة على فتح الميم ، وهو اسم مكان القيام. وابن هرمز ، وقتادة ، وابن السميقع ونافع في رواية خارجة (٢) : بضمها (٣) اسم مكان الإقامة.
والنّعمة ـ بالفتح ـ نضارة العيش ولذاذته. (قال الزمخشري (٤) : النعمة بالفتح من التّنعّم ، والنّعمة بالكسر الإنعام (٥). وقيل : النّعمة بالفتح هي المال والزينة كهذه الآية ، ومثله : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ) [المزمل : ١١]. وقوله : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) [فصلت : ٥٠] أي مالا بعد فقر). والجمهور على جرها. ونصبها (٦) أبو رجاء عطفا على «كم» أي تركوا كثيرا من كذا ، وتركوا نعمة.
قوله : «فاكهين» العامة على الألف أي طيّبي الأنفس ، أو أصحاب فاكهة كلابن وتامر وقيل : فاكهين : لاهين. وقرأ الحسن وأبو رجاء : فكهين (٧) ، أي مستخفين مستهزئين بنعمة الله.
قال الجوهري : يقال : فكه الرّجل ـ بالكسر ـ فهو فكه ، إذا كان مزّاحا. والفكه أيضا الأشر البطر (٨).
قوله : «كذلك» يجوز أن تكون الكاف مرفوعة المحل ، خبرا لمبتدأ مضمر ، أي الأمر كذلك. وإليه نحا الزجاج (٩) ، ويجوز أن تكون منصوبة المحلّ ، فقدرها الحوفيّ أهلكنا إهلاكا ، وانتقمنا انتقاما كذلك (١٠).
وقال الكلبي : كذلك أفعل بمن عصا (١١). وقيل : تقديره : يفعل (١٢) فعلا كذلك (١٣).
__________________
(١) عند قوله : «فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ» من الآيات ١٤٧ ، ١٤٨ منها حين أفرد وخص الزرع مع أنها من الجنات تنبيها على الأفضلية للزروع وأن يراد بالجنات غير الزروع ، بالمعنى من هناك ، ٧ / ٢٥٣ ب.
(٢) هو خارجة من مصعب أبو الحجاج الضبيعي أخذ عن نافع وأبي عمرو ، وله شذوذ وعنه العباس بن الفضل وغيره مات سنة ١٦٨ ه انظر غاية النهاية ١ / ٢٦٨.
(٣) البحر ٨ / ٣٦ وحجة ابن خالويه ٢٣٩ و ٣٢٢.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) الكشاف ٣ / ٥٠٣.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٣٦ وهي شاذة.
(٧) الكشاف ٣ / ٥٠٣ والإتحاف ٣٧٧.
(٨) الصحاح ٦ / ٢٢٤٣ فكه.
(٩) انظر معاني القرآن وإعرابه له ٤ / ٤٢٦.
(١٠) البحر المحيط ٨ / ٣٦.
(١١) السابق وانظر أيضا القرطبي ١٦ / ١٣٩ وهي على هذا مبتدأ والخبر محذوف.
(١٢) في ب نفعل تحريف.
(١٣) نقله أبو البركات ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٥٩. وانظر كل هذه الأوجه في الدر المصون للسمين الحلبي ٤ / ٨١٥.