أبيه إلى متابعة الدليل لا جرم جعل الله دينه ومذهبه باقيا في عقبه إلى يوم القيامة ، وأما أديان آبائه فقد اندرست وبطلت. فثبت أن الرجوع إلى متابعة الدليل يبقى محمود الأثر إلى قيام الساعة ، وأن التقليد ينقطع أثره (١).
قوله : «براء» العامة على فتح الباء ، وألف وهمزة بعد الراء وهو مصدر في الأصل وقع موقع الصفة وهي بريء ، وبها قرأ الأعمش (٢). ولا يثنى «براء» ولا يجمع ، ولا يؤنث ، كالمصادر في الغالب. قال الزمخشري (٣) والفراء (٤) والمبرد (٥) : لا يقولون البراءان ، ولا البراءون ؛ لأن المعنى ذوا البراء (ة) وذوو (٦) البراءة. فإن قلت : منك (٧) ثنيت وجمعت.
وقرأ الزعفرانيّ وابن المبارك (٨) عن نافع ـ بضم الباء ، بزنة طوال وكرام ، يقال : طويل وطوال ، وبريء ، وبراء. وقرأ الأعمش بنون واحدة (٩).
قوله : (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه استثناء منقطع ، لأنهم (١٠) كانوا عبدة أصنام (١١) فقط (١٢).
الثاني : أنه متصل ؛ لأنه روي أنهم كانوا يشركون مع الباري غيره (١٣).
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) نقلها أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ١١ ، قال : وهي لغة نجد وشيخيه ، وكذلك نقلها صاحب مختصر شواذ القراءات وهو ابن خالويه : إنّي بريء في موضع براء الأعمش ، وكذلك في مصحف عبد الله. انظر مختصر شواذ القراءات ١٣٥.
(٣) قال : «ولذلك استوى فيه الواحد والاثنان والجماعة والمذكر والمؤنث يقال : نحن البراء منك ، والخلاء منك». الكشاف ٣ / ٤٨٤.
(٤) قال في معاني القرآن ٣ / ٣٠ : «العرب تقول : نحن منك البراء والخلاء والواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر يقال فيه : براء ؛ لأنه مصدر ، ولو قال : بريء لقيل في الاثنين : بريئان ، وفي القوم بريئون وبرآء».
(٥) وكذا هو رأي الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٠٩ وكذا الكسائي. انظر القرطبي ١٦ / ٧٦ والفخر الرازي ٢٧ / ٢٠٨.
(٦) ما كتبته أعلى هو الأصح ففي النسختين ذو ، بواو واحدة.
(٧) كذا في النسختين منك ، أي بريء منك. وفي الرازي : «فإن قلت بريء ثنيت وجمعت».
(٨) في البحر : وقرأ الزعفراني عن أبي جعفر وابن المناذري عن نافع بضم الياء وهنا ابن المبارك في النسختين.
(٩) المرجع السابق البحر والدر المصون ومختصر ابن خالويه ١٣٥ والإتحاف ٣٨٥.
(١٠) في ب وأنهم.
(١١) في ب الأصنام.
(١٢) وقد ذكره أبو إسحاق الزجاج في المعاني ٤ / ٤٠٩.
(١٣) ذكره هو وما قبله أبو حيان في البحر ٨ / ١١ ، ١٢.