الإنذار ، و (فِي الْجَنَّةِ) صفة «فريقا» أو متعلق بذلك المحذوف (١).
فإن قيل : يوم الجمع يقتضي كون القوم مجتمعين ، والجمع بين الصنفين محال!.
فالجواب : أنهم يجتمعون (٢) أولا ثم يصيرون فريقين.
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) قال ابن عباس (ـ رضي الله عنهما ـ) (٣) على دين واحد وقال مقاتل : على ملة الإسلام ، كقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) [الأنعام : ٣٥] (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) أي في دين الإسلام «والظّالمون» الكافرون (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ) يرفع عنهم العذاب (وَلا نَصِيرٍ) يمنعهم من النار(٤) وهذا تقرير لقوله تعالى : (حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي أنت لا تقدر أن تحملهم على الإيمان فلو شاء الله لفعله ؛ لأنه أقدر منك ، ولكنه جعل البعض مؤمنا والبعض كافرا(٥).
قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أم هذه (هي) (٦) أم المنقطعة فتقدر ببل التي للانتقال وبهمزة الإنكار (٧) ، أو بالهمزة فقط (٨). واعلم أنه تعالى لما حكى عنهم أولا أنهم اتخذوا من دونه أولياء ثم قال بعده لمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ : لست عليهم بوكيل أي لا يجب عليك أن تحملهم على الإيمان فإن الله لو شاء لفعله أعاد ذلك الكلام على سبيل الاستنكار. ثم قال : (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ) ، قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٩) : وليك يا محمد ، وولي من اتبعك ، والفاء جواب شرط مقدر (١٠) كأنه قال : إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الوليّ ، لا وليّ سواه ؛ لأنه يحيي الموتى (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو الحقيق بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شيء قاله الزمخشري (١١). وقيل : الفاء عاطفة ما بعدها على ما قبلها.
قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) وجه النظم أنه تعالى كما منع (١٢) الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يحمل الكفار على الإيمان قهرا فكذلك منع (١٣) المؤمنين أن يشرعوا معهم في الخصومات والمنازعات فقال : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ (مِنْ شَيْءٍ)(١٤) من أمر الدين فحكمه إلى الله يقضي فيه ويحكم يوم القيامة بالفصل الذي يزيل الرّيب ، وقيل :
__________________
(١) انظر الدر ٤ / ٧٤٥.
(٢) الكشاف ٣ / ٤٦١.
(٣) زيادة من أ.
(٤) وانظر هذه الآراء في البغوي والخازن ٦ / ١١٧.
(٥) الرازي ٢٧ / ١٤٨.
(٦) زيادة لتوضيح السياق.
(٧) قال بالوجهين أبو حيان في البحر ٧ / ٥٠٩.
(٨) الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٦١.
(٩) زيادة من أ.
(١٠) وهي ما تسمى بفاء الفصيحة.
(١١) بتوضيح وتفصيل لكلامه في الكشاف ٣ / ٤٦١.
(١٢ و ١٣) في ب يمنع وهو مخالف لما في الرازي ففيه منع.
(١٤) سقط من ب.