وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [النحل : ٥٠]. وأما أهل الأرض فليس كذلك.
وثالثها : أن السماء موصوفة بكمال الحال ، وقيل : إنها أفضل الألوان وشكلها أفضل الأشكال وهو المستدير ومكانها أفضل الأمكنة ، وهو العلو ، وسكانها أفضل الأجرام ، وهي (١) الكواكب المنيرة بخلاف الأرض فإنها مكان الظلمة والكثافة ، واختلاف الأحوال وتغيير الذات والصفات فلا جرم عبر عن تكوين السماء بالطوع وعن تكوين الأرض بالكره (٢).
قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ). في نصب «سبع» أربعة أوجه :
أحدها : أنه مفعول ثان «لقضاهن» ؛ لأنه ضمن معنى صيرهن بقضائه سبع سماوات(٣).
الثاني : أنه منصوب على الحال من مفعول «فقضاهن» أي قضاهن معدودة (٤) ، وقضى بمعنى «صنع» (٥) كقول أبي ذؤيب :
٤٣٥٥ ـ وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السوابغ تبع (٦) |
أي صنعها.
الثالث : أنه تمييز ؛ قال الزمخشري : ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسرا بسبع سماوات على التمييز (٧) يعني بقوله «مبهما» ، أنه لا يعود على السماء ، لا من حيث اللفظ ، ولا من حيث المعنى بخلاف كونه حالا أو مفعولا ثانيا.
الرابع : أنه بدل من «هن» في «فقضاهن» قاله مكي (٨) ، وقال أيضا : السماء ، تذكر وتؤنث ، وعلى التأنيث جاء القرآن ، ولو جاء على التذكير لقيل : سبعة سماوات (٩). وقد تقدم تحقيق تذكيره وتأنيثه في أوائل البقرة (١٠).
__________________
(١) في الرازي : «وأجرامها أفضل الأجرام وهي الكواكب المتلألئة».
(٢) الرازي ٢٧ / ١٠٦.
(٣) قاله السمين في الدر ٤ / ٧٢٢.
(٤) السابق.
(٥) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣٨١ و ٣٨٢.
(٦) من تمام الكامل لأبي ذؤيب كما أخبر. والشاهد : قضاهما بمعنى صنعهما. ومسرودتان صفة لموصوف محذوف أي درعان مسرودتان ، والبيت في معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٣٨٢ وفتح القدير ٤ / ٥٠٨ ، ومجمع البيان ٧ / ٥٩٦ ، وشرح المفصل ٣ / ٥٨ و ٥٩ والبحر المحيط ٧ / ٤٨٨ والمعاني الكبير ٢ / ١٠٣٩ وغريب القرآن ٣٨٨ وتأويل المشكل ٣٤٢ واللسان قضى وديوان المفضليات ٥٠٠ و ٨٨١ وديوان الهذليين ١ / ١٩.
(٧) الكشاف ٣ / ٤٤٧.
(٨) مشكل إعراب القرآن له ٢ / ٢٧٠.
(٩) السابق ٢ / ٢٧٠ و ٢٧١.
(١٠) يشير إلى قوله تعالى : «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ» [البقرة : ٢٩].