وسط ، فالتي بالوسط دلالة التزام وتبعيّة ، والتي بغير وسط دلالة مطابقة ، والاستدلال يحصل بالأسماء التابعة التي قدّمنا أنّها كالصفات والأجزاء على الحقائق الأصليّة المتبوعة ، بنحو ما نبّهت عليه في سرّ الشكل والتشكّل والمتشكّل.
وبتلك الأسماء الأصليّة ومنها تظهر أعيان التوابع التفصيليّة ، وللتابعة حكمان (١) : الدلالة ، والتعريف بنفسها وأصلها ومراتبها (٢) ، وتختصّ المتبوعة بكونها أصلا في وجود التوابع وفي إظهار سرّ كونها دلالة (٣) ومعرفة كما مرّ.
فكلّ تميّز وتعدّد يعقل ـ بحيث يعلم منه حقيقة الأمر المتميّز بذلك التميّز من حيث ذلك التميّز ، ولزوم التعدّد له ، وكونه شرطا في معرفة الأصل الذي هو منشأ التعدّد ومنبع التميّز (٤) ، وأنّ ذلك الأصل له التقدّم بالمرتبة على التعدّد والتميّز (٥) فهو اسم ؛ لأنّه علامة على الأصل الذي لا يمكن تعيّنه بدون المميّز والتميّز ، والتعدّد والتميّز حكمان لازمان للاسم ، واللفظ الدالّ على المعنى المميّز (٦) الدالّ على الأصل هو اسم الاسم.
وأمّا سبب تنوّعات الاسم فهو الكثرة الناشئة بسبب اختلاف الصفات والخواصّ والعوارض واللوازم والوجوه والاعتبارات الناتجة من تنوّعات الاجتماعات الواقعة في المراتب المختلفة للحقائق بحكم الكيفيّات والتراكيب الظاهرة بالاستعدادات المتفاوتة ، وسرّ الأمر الأحدي المختصّ بحضرة الجمع والوجود.
فكلّ ما ظهر في الوجود وامتاز من الغيب ـ على اختلاف أنواع الظهور والامتياز ـ فهو اسم ، وفائدته ـ من كونه تابعا لما تقدّمه بالمرتبة والوجود جمعا وفرادى ـ الدلالة والتعريف كما بيّنّا وكلّ ما بطن فله مرتبة الأصالة والشرطيّة بالنسبة إلى ما هو تابع له وفرع من فروعه ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
ولمّا ظهر التعدّد والكثرة في الممتاز الأوّل من الغيب المطلق ، المنعوت بالوحدة ، السابق كلّ تعيّن وكثرة المميّزات (٧) لما قلنا ، ظهر بسرّ الجمع والتركيب والشروط والأسباب الجزئيّة والكيفيّات اللازمة لكلّ حقيقة معنى ينفرد به دون مشارك ، وأفاد كلّ أمر مميّز
__________________
(١) ق : حكما.
(٢) ق : مراتبهما.
(٣) ق : دالّة.
(٤ و ٥). ق : التمييز.
(٦) ب : المتميّز.
(٧) المتميّزات.