يكون التحيّز من صفاتها.
ثم هذا الانضمام يتبعه حكمان مختلفان : النظم والاتّصال المسمّى بالجمع والتركيب ، والآخر الفصل والتمييز. ويتبع ذلك أمران : التبديل ، والتشكيل.
فأمّا النظم فهو المعبّر عنه بالانضمام والجمع والتركيب ونحو ذلك وقد بيّنّا حكمه.
وأمّا الفصل فهو كون أحكام المعاني والحقائق متداخلة ، وبعضها مرتبطا بالبعض ، من حيث المناسبة والتبعيّة.
فلسان العلم بالأدوات المعرّفة والشارحة تعيّن الأحكام وتضيفها إلى أصولها ؛ فيرتفع الالتباس الحاصل بحكم الوجود الواحد الذي عمّها وجمعها بالتمييز ، فيعلم المتعلّم [أنّ] هذا الحكم ـ مثلا ـ إلى أيّة حقيقة يستند من الحقائق ، فينسبه إليها عن يقين (١) دون مزج ، فيصير كلّ معنى مضافا إلى أصله ، وكلّ أصل ممتازا بنفسه وما يتبعه ـ من الأحكام المختصة به ـ عمّا سواه ، وهذا من أكبر فوائد مقام الحضور بعد العلم الصحيح لمن يعلم ما أدرجت في هذا الفصل وما قبله من الأسرار.
ثم نقول : ومتعلّق التبديل الواقع في الوجود بالاجتماع والاقتران والتحليل والتركيب والتعيّنات الظاهرة وأنواع التشكّلات هو الصور والأشكال الجزئيّة التي هي أحكام الحقائق والأشكال المعقولة الكلّيّة المجرّدة.
فإنّ الأشكال الجزئية والتشخّصات المتعيّنة في الشهادة مظاهر أحكام الأشكال الكلّيّة الغيبيّة ، والحقائق البسيطة والكيفيّات المدركة التي هي أحوال للأمر المتشكّل من حيث هو متشكّل في مرتبة مرتبة ، وعين وعين ، والحقائق مشتركة في التجرّد والجوهريّة والصفة العينيّة ، متماثلة ومتّحدة (٢) من حيث الوجود العام المشترك بينها ، ومن حيث السرّ الغيبي الإلهي الذي لا تعدّد لشيء فيه ، والاختلاف ظهر بالصور والأشكال الظاهرة فالمسمّاة حدودا ذاتيّة (٣) للصور والأشكال لا للمتصوّر والمتشكّل ، ولكن لا يشهد هذا المتشكّل عيانا إلّا بالشكل (٤) فيظنّ من لا يعرف أنّ المحدود هو المتشكّل من حيث ذاته ، إنّما هو الشكل إلّا
__________________
(١) ب : تعيّن.
(٢) ق : متّحدة ومتماثلة.
(٣) ه : ذاتية إنّما هي ذاتية.
(٤) ق : بالتشكل.