صفاته على أحكام باقيها ، كما بيّنّاه ، فإن كان في حال تفرقة ـ وأعني بالتفرقة هاهنا (١) عدم خلوّ الباطن من الأحكام الكونيّة وشوائب التعلّقات ـ فإنّ التجلّي عند وروده عليه يتلبّس بحكم الصفة الحاكمة على القلب ، وينصبغ بحكم الكثرة المستولية عليه ، ثم يسري الأمر بسرّ الارتباط في سائر الصفات النفسانيّة والقوى البدنيّة سريان أحكام الصفات المذكورة فيما يصدر عن الإنسان من الأفعال والآثار ، حتى في أولاده وأعماله وعباداته التابعة لنيّته وحضوره العلمي.
والنتائج الحاصلة من ذلك كلّه عاجلا وآجلا ، وتذكّر قوله صلىاللهعليهوآله : «الولد سرّ أبيه» و «الرضاع يغيّر الطباع» ونحو ذلك ممّا اتّضح عند اولي البصائر (٢) والألباب فلم يختلفوا فيه ، وكانصباغ النور العديم (٣) اللون بألوان ما يشرق عليه من الزجاج ، فتتكثّر صفات التجلّي بحسب ما يشرق ويمرّ عليه ويتّصل به من صفات المتجلّى له وقواه حتى ينفذ فيه أمر الحقّ اللازم لذلك التجلّي.
فإذا انتهى السالك إلى الغاية التي حدّها الحق وشاءها ، انسلخ عن التجلّي حكم تلك الصفات الكونيّة ، فيعود عودا معنويا إلى حضرة الغيب بتفصيل يطول وصفه ، بل يحرم كشفه.
وهكذا حكم التجلّيات الإلهيّة مع أكثر العالم فيما هم فيه ؛ فإنّ أوامر الحقّ الإرادية الذاتيّة تنفذ فيهم وهم لا يشعرون بسرّ موردها ومصدرها.
فإن كان المتجلّى له في حال جمع متوحّد مع التعرّي عن أحكام التعلّقات الكونيّة على نحو ما مرّ ذكره ، فإنّ أول ما يشرق نور التجلّي على قلبه الوحدانىّ النعت ، التامّ التجلّي ، المعقول (٤) عن صداء الأكوان والعلائق توحّدت أحكام الأحديّات الكلّيّة المتشعّبة من الأحديّة الأصليّة في المراتب التي اشتملت عليها ذاته كحكم أحديّة عينه الثابتة وأحديّة التجلّي الأوّل الذي ظهر به عينه له ، وبهذه الأحديّة من حيث التجلّي المذكور قبل العبد الإمداد الالهي الذي كان به بقاؤه إلى ساعته تلك ، ولكن بحسب الأمر الغالب عليه وأحدية
__________________
(١) ق : هنا.
(٢) ق : الأبصار.
(٣) ق : القديم.
(٤) كذا في الأصل والمصقول أنسب.