وتسميته «الرحمن» عبارة عن انبساط وجوده المطلق على شؤونه الظاهرة بظهوره ؛ فإنّ الرحمة نفس الوجود. والرحمن الحقّ من كونه وجودا منبسطا على كلّ ما ظهر به ومن حيث كونه أيضا باعتبار وجوده له كمال القبول لكلّ حكم في كلّ وقت بحسب كلّ مرتبة وحاكم على كلّ حال.
وتسميته رحيما هي من كونه مخصّصا ومخصّصا ؛ لأنّه خصّص بالرحمة العامّة كلّ موجود ، فعمّ تخصيصه وظهوره سبحانه.
ومن حيث الحالة المستلزمة الاستشراف على الأحكام المتّصلة من بعضها بالبعض تبعيّة ومتبوعيّة ، وتأثيرا وتأثّرا كما قلنا ، واجتماعا وافتراقا ، بتناسب وتباين ، واتّحاد واشتراك سمّي علما. وهو من تلك الحيثيّة وباعتبار كونه مدركا نفسه وما انطوت عليه في كلّ حال وبحسبه سمّى نفسه عالما.
والسريان الذاتي الشرطي من حيث التنزّه عن الغيبة والحجبة ، ودوام الإدراك المتعدّي حكمه إلى سائر الشؤون يسمّى حياة ، وهو الحيّ بهذا الاعتبار.
والميل المتصل من بعض الشؤون بسرّ الارتباط بشئون أخر بموجب حكم المناسبة الثابتة في البين المرجّحة تغليب حكم بعض الشؤون على البعض ، وإظهار التخصيص الثابت في الحالة المسمّاة علما لتقدّم ظهور بعض الشؤون على البعض يسمّى إرادة ، وهو من حيثها يكون مريدا.
والحالة التي من حيثها يظهر أثره في أحواله بترتيب يقتضيه التخصيص المذكور والنسب المتفرّعة عن كلّ حال منها تسمّى قدرة ، وهو من حيثها قادر.
و (١) انتظم أمر الوجود وارتبط ، وزهق الباطل وسقط.
وها أنا قد فتحت لك بابا لا يلجه ولا يطرقه إلّا النّدر من أهل العناية الكبرى ، فإن كنت ممّن يستحقّ مثل هذا ، فلج وافتح بهذا المجمل مفصّله ، وكن بكلّيّتك لله «فمن كان لله كان الله له»
__________________
(١) ق : أو.