نسبة الوحدة المعلومة عندهم وعند غيرهم من المحجوبين وأكثر العارفين والكثرة أيضا إلى هذه الوحدة المشار إليها على السواء ، لأنّها منبع لهما ولأحكامهما ، مع عدم التقيّد بالمنبعيّة وغيره.
ثم نرجع ونقول : ومعقوليّة النسبة الجامعة لأحكام الكثرة من حيث وحدتها عبارة عن حقيقة العالم ، وتعيّن الحقّ من حيثها عبارة عن وجود العالم.
ثم إنّ هذا الوجود بعد ظهوره بشئونه انقسم بالقسمة الأولى من حيث التعيّن إلى ثلاثة أقسام : إلى ما غلب عليه طرف الوحدة والبطون كالأرواح على اختلاف مراتبها بحسب درجات هذا القسم ، وإلى ما ظهر وغلب عليه أحكام الكثرة كالأجسام المركّبة على اختلاف مراتبها أيضا بحسب الدرجات ، وإلى ما توسّط بينهما.
ثم إنّ المتوسّط انقسم إلى ما غلب عليه حكم الروحانيّة وحكم مجمل الظهور الأوّل كالعرش والكرسي ، وإلى ما غلب عليه نسبة الجمع بكمال الظهور التفصيلي آخرا كالمواليد (١) الثلاث على ما بينها من التفاوت في الدرجات ، مع دخولها تحت قسم واحد يسمّى «بعالم الشهادة» ، فإنّه هو المقابل لعالم الأرواح وعالم الغيب على ما ذكر في أوّل الكتاب عند الكلام على الحضرات الخمس. وبقي الوسط الذي تفرّع منه ما تفرّع مشتملا على درجات لكلّ منها أهل ، كالسماوات السبع ، والأسطقسات الأربع.
وظهر الإنسان آخرا بصورة الكلّ مقام الجمع الأحدي ، الذي لا يتعيّن قبله أوّليّة ولا غيرها ، وله العماء ، وقد مرّ حديثه في صدر الكتاب فاذكر.
والخلافة للإنسان بهذه الصورة هي من حيث صحّة المحاذاة والمحاكاة والمطابقة لما (٢) ظهر من صورته في الحكم والجمع والمحاكاة لما عداهما وغيرهما لما بطن منه ، والاستخلاف لما بطن هو من حيث السببيّة الأولى في تعيّن صورة نفسه الجامعة لما اشتملت عليه ذاته ، والاستعلاء بعد التحقّق بالكمال على الخلافة والخروج عنها بردّها إلى الأصل أو إلى المثل بمزيد من الحسن والبهاء ، كما مثّل لك في ماء الورد وغيره من قبل ،
__________________
(١) ق ، ه : كالمولدات.
(٢) ق ، ه : بما.