ويلزم ما مرّ ذكره ، والأمر غير خارج عن هذه الضروب المذكورة ، فكيف الأمر؟ فيثبت الحيرة.
وإن استندنا إلى الإخبارات الإلهيّة ، فالكلام فيها كالكلام فيما مر ؛ لأنّها لا بدّ وأن تكون (١) تابعة للمدارك ، والمدارك أوصاف تابعة للموصوف ، والموصوف لم يثبت بعد ما هو؟ فما الظنّ بما هو تبع له ومتفرّع عنه؟ ومع هذه كلّه فالإدراكات حاكمة ومتعلّقة بمدارك متعدّدة من حيث تنوّع ظهوراته ، أو بمدركات شتّى ، وثمّ لذّة هي عبارة عن إدراك الملائم ، وألم يعبّر عنه بأنّه إدراك غير الملائم ، وثمّة ظلمة ونور ، وحزن وسرور ، فالكلّ ثمّة وما ثمّة كلّ ولا جزء ولا ثمّة ، فما العمل؟ (٢) وما من وكيف؟
ولا تظنّنّ أنّ هذه الحيرة سببها قصور في الإدراك ، أو نقص مانع من كمال الجلاء هنا والاستجلاء لما هناك ، بل هذه حيرة إنّما يظهر حكمها بعد كمال التحقّق بالمعرفة والشهود ، ومعاينة سرّ كلّ موجود ، والاطّلاع التامّ على أحديّة الوجود ، لكن من تقيّد ، وقف ؛ لضيقه وما سار وانقهر لحكم (٣) ما عاين ، فانحرف ومار (٤) ، ومن اتّسع ، جمع وكشف ، فأحاط فدار وحار (٥) وما إن حار (٦) ، بل جرى وانطلق فمار وجار واستوطن غيب ذات ربّه متنوّعا بشئونه سبحانه وبحسبه بعد كمال الاستهلاك فيه به (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٧) هذا مقام السار.
__________________
(١) ه : يكون.
(٢) ق : لعمل.
(٣) ق : بحكم.
(٤) ق : ومارى.
(٥) ه : حاذ.
(٦) ه : حاذ.
(٧) الرعد (١٣) الآية ٢٤.