الوجهيّة ،
مستهلكة في عرصة الحضرة الذاتيّة الأحديّة.
فإن رقى فوق ذلك
سكت فلم يفصح وخرس ، فلم يوضح وعمي ، فلم ينظر وذهب ، فلم يظهر.
فإن أعيد ظهر بكلّ
وصف ، وكان المعنى المحيط بكلّ حرف لم يعتص عليه أمر ، ولم يستغرب في حقّه عرفان
ولا نكر.
مراتب الرضا
ولنعد الآن إلى
إتمام ما كنّا قد شرعنا فيه من تقسيم مراتب الرضا المثمر للتنعّم بالنعم ، بعد تعدّينا بفضل الله مراتب الغضب والفراغ من ألسنة
أحكامه ، فنختم الكلام على الرضا ؛ لأنّه آخر الأحوال الإلهيّة حكما في السعداء ،
كما سننبّه عليه.
فنقول : مراتب
الرضا المثمر للنعم كلّها والتنعّم بها ثلاث :
حكم أوّلها رضا
الحقّ عن الموجودات من حيث استصلاحها لأن يتوجّه إليها بالإيجاد وبقسط مّا من
الإحسان ؛
وحكم الثانية
الرضا عن كافّة المؤمنين ؛
وحكم الثالثة الرضا
عن خواصّهم ، وعن الأنبياء والأولياء ، كما ورد وثبت.
وهذا القسم ينقسم
إلى قسمين : قسم خاص ، وقسم أخصّ ، فالخاصّ ما يتعلّق بالأنبياء والأولياء ،
والأخصّ هو الذي عيّنه سبحانه بقوله : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى
مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) فعرفنا أنّ هذا رضا مخصوص ليس لكلّ الرسل والأنبياء ؛ لعدم عموم حكم العلامة المذكورة ، في الجميع مع رضاه عن سائرهم ، ولأنّه أخبرنا
أنّه قد رضي عن المؤمنين ، فعن الأولياء أولى ، فعن الأنبياء آكد ، فما الظنّ
بالرسل؟
فحيث خصّص هنا ب «من»
وبالعلامة ، عرفنا أنّه رضا خاصّ ، وهو ثابت لا محالة لآخر الرسل صلىاللهعليهوآله ؛ فإنّه بعينه آخر الصفات الإلهيّة حكما في الآخرة في
السعداء ، فكان العطاء
__________________