فلا تجاوز (١) التسعة :
فمنهم : المهتدي بكلام الحقّ ـ من حيث رسله الملكيّين (٢) ، أو البشريّين (٣) ـ في نفسه فقط ، أو فيه وفي غيره. ولا يتعدّى أمر هؤلاء المسجد الأقصى عند سدرة المنتهى ، مع تفاوت عظيم بينهم ؛ فإنّ فيهم من لا يتعدّى أمره السماء الأولى ، ولا الخطاب الإلهي الوارد عليه ، ولا الرسول الملكي الآتي إليه.
وفيهم (٤) من يختصّ بالسماء الثانية ، وآخر بالثالثة ، هكذا إلى المسجد المذكور ، عند سدرة المنتهى ، وليس فوق هذا المسجد تشريع تكليفي ، ولا إلزام بصراط معيّن يتعبّد به أحد هنا بالقهر.
ومنهم : المهتدي بكلام كلّ قدوة آخذ عن الله ، مأمور بالإرشاد ، وداع على بصيرة.
ومنهم : المهتدي بصور أفعال الحقّ التي هي آيات الآفاق والأنفس.
ومنهم : المهتدي بما فعل (٥) الرسل وكلّ متبوع محقّ ، أو واضع شريعة سياسيّة عقليّة مصادفة ما قرّرتها الرسل ، لكن واضعها ابتدعها وتبعه فيها غيره (٦) تقليدا أو استحسانا.
ومنهم : المهتدي بإذنه على اختلاف صور الإذن ، وقد نبّه سبحانه على هذا المقام بقوله :
(فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ). (٧) ومنهم : من اهتدى بإيمانه كما قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) (٨).
ومنهم : من اهتدى بأمر متحصّل من مجموع ما ذكر أو بعضه ، كقوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٩) هذا ، مع أنّ كلّ قسم ممّا ذكرنا ينقسم أهله إلى أقسام ، فافهم.
ومنهم : من اهتدى به سبحانه من حيث بعض أسمائه.
__________________
(١) ه : يجاوز.
(٢) ق : الملكيون.
(٣) ق : البشريون.
(٤) في بعض النسخ : ومنهم.
(٥) ق : بأفعال.
(٦) في بعض النسخ : غير.
(٧) البقرة (٢) الآية ٢١٣.
(٨) يونس (١٠) الآية ٩.
(٩) طه (٢٠) الآية ٨٢.