وبين مرتبة الكامل (١) وحاله ، ومرتبة الجاهل المحجوب المذكور وحاله مراتب ودرجات.
فمن كانت نسبته إلى المرتبة الكماليّة أقرب ، كان حظّه من الكشف والصورة الإلهيّة والعلم بالحقّ وغير ذلك من صفات الكمال بمقدار ذلك القرب وتلك (٢) النسبة ؛ ومن كانت نسبته إلى المرتبة التي في مقابلة الكمال أقرب ، (٣) كانت حجبه أكثر ، وحظّه من الصورة والكشف وغيرهما ممّا ذكرنا (٤) أقلّ.
والميزان الإلهي في كلّ زمان هو كامل ذلك الزمان وحاله وكشفه ، ومنه يعلم حكم الاعتدال والانحراف في مطلق الصورة الوجودية والصور المتعيّنة الإنسانيّة ، وفي باقي مراتب الاعتدال ، كالاعتدال المعنوي والروحاني وغيرهما ، ولكلّ ما يغتذي به من صور الأغذية خواصّ وقوى روحانيّة غير القوى والخواصّ المشهودة والمدركة من حيث صورته وأثره في الأجسام ، ولتلك الخواصّ أحكام مختلفة على نحو ما ذكر في الإنسان وغيره ، وبين الأغذية ومن يغتذي بها ـ من حيث المزاج الصوري والمزاج الروحاني والمعنوي ـ مناسبات من وجه ومنافرات من وجه ، والحكم في كلّ وقت للاسم «الربّ» إنّما يظهر بالغالب منها ، وأكثرها خفية تعسر معرفتها إلّا بتعريف إلهي.
فعلى قدر المناسبة وصحّة المزاج الروحاني المذكور يقوى الكشف ، ويصحّ ويكثر ، وتعلو مرتبته ، وتشرف نتائجه من العلوم والأذواق والتجلّيات بشرط اقتران حكم الاسم «الأوّل» ومساعدته ، كما نبّهنا على ذلك غير مرّة ، وعلى قدر المباينة وقلّة المناسبة وضعف الامتزاج والمزاج الروحانيّين يكثر الحجب ، ويقلّ الكشف والعلم والإدراك الذوقي ولوازم ذلك كلّه.
ولهذا المقام من حيث ما يتكلّم فيه الآن تتمّات أخر لكن ذكرها في شرح إيّاك نعبد أولى ، فأخّرتها لذلك ، والله الميسّر.
ثم اعلم ، أنّ للطبيعة ـ من حيث هي ـ أحكاما ولها من حيث تعيّن حكمها في مزاج مزاج
__________________
(١) ه : الكمال.
(٢) ه : لم يرد.
(٣) ق : أبعد.
(٤) ق : ذكر.