وبعد أن قرّرنا حكم ما قصدنا تقريره باللسانين : الذوقي والعقلي ، فلنتمّم ذلك بذكر ما يقتضيه حكم اللسان في هذا الاسم ليحصل الجمع والتطبيق الذي التزمته في أوّل الكتاب ، والتوفيق بين الحكم الذوقي والاصطلاح اللغوي العربي ، والله الموفّق.
قال بعض أهل العربيّة في الاسم «الله» : إنّه قد خصّ بسبع خواصّ لا توجد (١) في غيره من الأسماء :
إحداها : أنّ جميع أسماء الحقّ تنسب إلى هذا الاسم ، ولا ينسب هو إلى شيء منها. واستدلّ بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (٢) فنسب جميع أسمائه إليه ، ولم يفعل ذلك بغيره (٣) تنبيها على جلالته.
ومنها : كونه لم يسمّ به أحد من الخلق ، بخلاف باقي الأسماء. واستدلّوا بقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٤) أي هل تعلم شيئا يسمّى بالله غيره؟
ومنها : أنّهم حذفوا «يا» من أوّله وزادوا ميما مشدّدة في آخره ، فقالوا «اللهمّ» ولم يفعل ذلك بغيره. (٥) ومنها : أنّهم ألزموه الألف واللام عوضا عن همزته ، ولم يفعل ذلك بغيره.
ومنها : أنّهم قالوا : يا الله ، فقطعوا همزته ، ولم يفعل ذلك بغيره ، وجمعوا بين «يا» التي هي للنداء والألف واللام ، ولم يفعل ذلك بغيره إلّا في ضرورة الشعر ، كقوله :
من أجلك يا التي هيّمت (٦) قلبي |
|
وأنت بخيلة بالودّ (٧) عنّي |
وأنشد الفرّاء :
مبارك هو ومن سمّاه |
|
على اسمك اللهمّ يا الله |
وقال آخر :
يا لغلامان (٨) اللذان فرّا |
|
إيّاكما أن تكسباني (٩) شرّا |
__________________
(١) ه : توجده.
(٢) الأعراف (٧) الآية ١٨٠.
(٣) ق : لغيره.
(٤) مريم (١٩) الآية ٦٥.
(٥) ق : لغيره.
(٦) ق : تيمت ، ه : هميت.
(٧) ق : بالوصل.
(٨) ق : والغلامان ، ب : فالغلامان.
(٩) ق : تكسبانا.