وحل أصل النزاع من أسهل الامور أو أنه في درجة متأخرة. وأنما الغاية التقريب ومراعاة الحل المرضي لاجتثاث ما هو سبب التخاصم.
وان الأرياف أحدثت مشكلات جديدة كالانتفاع من الارضين لا الغزو ولا أيجاد عداء لاستغلال الحروب ، والاستفادة من المقارعات نفسها وانما هي في الاكثر ذات علاقة بالبدو ، وبأهل الأرياف بعضهم مع بعض مما دعا ان تنشأ أوضاع لم تكن مألوفة. ومن ثم يستدعي الامر الحل في هذه المشكلات. وربما كان خطرها أعظم لما تؤدي إليه من حروب دائمة ، ومنازعات أو معارك طاحنة بين المتجاورين فتسلب راحتهم وقل ان كانت تتدخل الدولة فتقضي على النزاع وتقف بكل عشيرة عند حدها اما لتهاون او غفلة او ما ماثل.
واذا تدخلت فإنما كان بأمل ان تتمكن سلطتها أو أن تستوفي حقوقها أو تستغل النزاع للقضاء على أحد المتنازعين فيكون وسيلة سانحة. وهكذا قلّ ان يرى الحق ظاهرا في جهة ومن ثم يختار (الحكم) وربما تكسب الحكومة قوة بمساعدة الضعيف لتقضي بعض مصالحها المعلقة أو تقوية سلطتها استعانة بالفريق المناوئ ، وتظهر سياستها في هذا التدخل لأمر غير ما وقع عليه النزاع. والحوادث التأريخية مثل هذه تعين ضعف سياسة الدولة العثمانية واستغلالها للاوضاع.
ومن المهم ذكره ان الحكومة قد تكون سلطتها قوية وقدرتها ظاهرة فتدرك أصل النزاع وبواعثه ، فتسعى للقضاء عليه دون الركون إلى الاستغلال. فتمضي في الحل على طريقة مستقيمة. وهذا قليل في العهود السابقة. ومن السخف ان تلجأ إلى القوي فتساعده. وفي هذا ضياع السياسة الرشيدة والحق والعدل معا فالامر لم يكن بالسهل لا سيما عند تعادل القوى أو اختلافها. وتعند القوي في مطالبه الجائرة ، ومن الواجب ان يحتمي الضعيف بقوة الحكومة فيجد له ناصرا قويا.
والوقائع اليومية ، والحوادث التأريخية مما يسترشد به دائما اذا كان