المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدّين.
أما بعد فقد كنت نشرت المجلد الاول من العشائر البدوية ، والرابع من العشائر الكردية. وان المقابلات والفروق سهلت المعرفة كثيرا. وكنت قلت :
«ان أحوال البادية في غابرها وحاضرها لا تزال محل النظر والتبصر ، وهي في الاغلب غير مطروقة ، فلم يتعرض لها المؤرخون العديدون ، ولا حاول الكتّاب الّا بيان بعضها ، فنجدنا بحاجة إلى الاستزادة ، وربما عددناها من أهم ما يلزم للمعرفة الحقة والتبسط في مادتها والاستكثار منها.
وليس من الصواب أن نصدّ عنها وننفر منها لمجرد أنها فضاء واسع ، وأرض قاحلة كما تبدو للحضري لأول وهلة دون أن ندرك حقيقتها ، وان نعلم أنها عطن قومنا الذي منه نجمنا ، والاصل الذي منه تفرعنا ، فنكتفي بتلك النظرة ، أو نتابع الشعوبيين أعداء العرب وتلقيناتهم الباطلة في اتخاذ الوسائل للتنفير ، وتوليد الكره بطرق متنوعة وضروب مختلفة ...
تربطنا بأهل البادية أواصر الدم والقربى ، وتجمعنا اللغة والوطن ، وتتصل بنا العقيدة الحقة ... ولم يكونوا بوجه على الهمجية كما يتوهم ، بل هناك إدارة منظمة وعلاقات جوار ، وروابط قربى مكينة ، وتحالفات وعهود مرعية وشريعة سائدة مما لم ينفذ إليه الحضري بادي الرأي ولا يدرك كنهه لما تلقى من سوء فكرة ، أو لمجرد النظر إلى الخشونة وجفوة العيش ،