من البدو إلى الأرياف
هذا التنقل او الميل من البدو إلى الأرياف ضرورة لازمة لحالة المجاورة للارياف فالبدوي يحاول سنوح الفرصة ، ويتأهب للاوضاع المواتية او يتوثب ليحل محل الريفي أما لوقوع نزاع بين أهل الأرياف وتدافعهم ، أو لخلل حدث في الحياة الاجتماعية كأن يميل أهل الأرياف إلى المدن ، أو لاتفاقات حدثت لما شعر أهل الأرياف بضعف تجاه البدو ، أو كانت هجومات متوالية أدت إلى انتصار البدو لشعورهم بقوة بأن تتهيأ الفرصة السانحة فيضطر الريفي أن يميل إلى مواطن مانعة من الاعتداء. إلى آخر ما هنالك من أوبئة وطواعين وغوائل قحط وما ماثل.
نرى الحالة الواقعية هيأت ذلك. وهي طبيعية قطعا والا فقد اتخذت الدول تدابير لتحضير البدو فلم تتمكن من وسيلة ناجعة. فلما قبل البدو الاسلام قلبا وقالبا ، لم يروا بدا من قبول الحضارة ، بل لم يقبلوا بغيرها. ومن ثم تحضروا ، أو صاروا حضرا في البادية. وهذا حادث عظيم لم نر ما يماثله من نوعه إلا قليلا في العشائر التي تركت الغزو فمالت إلى الحضارة.
ولا يسعنا حصر الاسباب القسرية أو الاختيارية لركون البدو إلى الأرياف. ومن ثم يألف البدو عيشة الأرياف. ويفقدون مزايا البدو تدريجيا. وكان ضعف الريفي يجعله يميل إلى القوة العشائرية أو الاحتماء بالمدينة فيتقدم إلى الحضارة قسرا. ومثل ذلك العداء المستمر ، والطواعين ، أو القحط ... مما يجعل خللا في الأرياف. ومن ثم يميل البدو اليها.