وَقَرأَ عِكْرِمةَ : (المُزَمِّل) (١) و (المُدَثِّر) (٢) خفيفة الزَّاي والدَّال ، مُشَدَّدَة الميم والثَّاءِ.
قال أبو الفتح : هَذا على حذفِ المفعولِ ، يريدُ : يَا أَيُّها المُزَمِّلُ نَفْسَهُ ، والمُدَثِّرُ نَفْسَهُ ، فَحَذَفَهُ فِيهما جَميعاً ، وَحَذْفُ المَفْعُولِ كَثيرٌ ، وَفَصيحٌ ، وَعَذبٌ ، ولا يركبه إلاّ مَنْ قَوِيَ طبعُهُ وَعَذُبَ وَصْفُهُ ، قَالَ اللهُ سبحانه : (أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء) (٣) أَي : أَوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيء شَيْئاً (٤).
وأَنْشَدَنَا أَبو علي لِلْحُطَيْئَة :
مُنَعَّمَةٌ تَصُونُ إليك مِنْهَا |
|
كَصَوْنِك مِنْ رِدَاء شَرْعَبِيِّ (٥) |
أَي : تَصُونُ حَدِيثَها وَتَخزُنُهُ كَقَوْلِ الشَّنْفَرَي (٦) :
كَأَنَّ لَهَا فِي الأرضِ نِسيا تَقُصُّهُ |
|
عَلى أَمِّها وإن تُخَاطِبْك تَبْلِتِ (٧) |
وَقَرَأَ ابن عبَّاس والحَسَن والضَّحَّاك وَمُحَمَّدُ بنُ عليّ وجعفرُ بنُ مُحَمَّد (عليهم السلام) وعمروُ بنُ فائد ويعقوب : (مِنْ كُلّ مَا سَأَ لْـتُمُوهُ) (٨) بالتنوين.
قَالَ أَبو الفتح : أَمَّا على هذه القراءةِ فالمفعولُ ملفوظٌ بِهِ ، أي : وآتاكُم مَا
__________________
(١) من قوله تعالى من أوّل سورة المزّمّل : ٧٣ / ١ : (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ).
(٢) من قوله تعالى من أوّل سورة المدّثّر : ٧٤ / ١ : (يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ).
(٣) سورة النمل : ٢٧ / ٢٣.
(٤) تنظر : ص : ٢٥٧.
(٥) تقدَّم الشاهد في : ص : ٢٥٥.
(٦) تقدَّم الشاهد في : ص : ٢٥٥.
(٧) المحتسب : ٢ / ٣٣٥.
(٨) من قولِهِ تعالى من سورةِ إبراهيم : ١٤ / ٣٤ : (وَآتَاكُمْ مِّنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).