مطلقا ثم خص بغليظ الديباج ، ثم عرب.
وتقدما في قوله (يَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) في سورة الكهف [٣١] فارجع إليه. و (مِنْ) لبيان الجنس ، والمبيّن محذوف دل عليه (يَلْبَسُونَ). والتقدير : ثيابا من سندس وإستبرق.
ثم وصف نعيم نفوسهم بعضهم مع بعض في مجالسهم ومحادثاتهم بقوله : (مُتَقابِلِينَ) لأن الحديث مع الأصحاب والأحبّة نعيم للنّفس فأغنى قوله : (مُتَقابِلِينَ) عن ذكر اجتماعهم وتحابهم وحديث بعضهم مع بعض وأن ذلك شأنهم أجمعين بأن ذكر ما يستلزم ذلك وهو صيغة متقابلين ومادته على وجه الإيجاز البديع.
[٥٤ ـ ٥٧] (كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧))
(كَذلِكَ).
اعتراض وقد تقدم بيان معناه عن قوله تعالى : (كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) في سورة الكهف [٩١]. وتقدم نظيره آنفا في هذه السورة.
(وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى).
معنى (زَوَّجْناهُمْ) جعلناهم أزواجا جمع زوج ضد الفرد ، أي جعلنا كل فرد من المتقين زوجا بسبب نساء حور العيون.
والزوج هنا كناية عن القرين ، أي قرنّا بكل واحد نساء حورا عينا ، وليس فعل (زَوَّجْناهُمْ) هنا مشتقا من الزوج الشائع إطلاقه على امرأة الرجل وعلى رجل المرأة لأن ذلك الفعل يتعدى بنفسه يقال : زوجه ابنته وتزوج بنت فلان ، قال تعالى : (زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٧] ، وليس ذلك بمراد هنا إذ لا طائل تحته ، إذ ليس في الجنة عقود نكاح ، وإنما المراد أنهم مأنوسون بصحبة حبائب من النساء كما أنسوا بصحبة الأصحاب والأحبة من الرجال استكمالا لمتعارف الأنس بين الناس. وفي كلا الأنسين نعيم نفساني منجرّ للنفس من النعيم الجثماني ، وهذا معنى سام من معاني الانبساط الروحي وإنما أفسد بعضه في