(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢))
إشارة إلى أن الله تعالى قد اختار الذين آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم على أمم عصرهم كما اختار الذين آمنوا بموسى عليهالسلام على أمم عصرهم وأنه عالم بأن أمثالهم أهل لأن يختارهم الله. والمقصود : التنويه بالمؤمنين بالرسل وأن ذلك يقتضي أن ينصرهم الله على أعدائهم ولأجل هذه الإشارة أكد الخبر باللام و (قد) ، كما أكد في قوله آنفا (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ) [الدخان : ٣٠] ، و (عَلى) في قوله : (عَلى عِلْمٍ) بمعنى (مع) ، كقول الأحوص:
إني على ما قد علمت محسّد |
|
أنمي على البغضاء والشنآن |
وموضع المجرور بها موضع الحال.
والمراد ب (الْعالَمِينَ) الأمم المعاصرة لهم. ثم بدلوا بعد ذلك فضربت عليهم الذلة ، وقد اختار الله أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم على الأمم فقال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١١٠] أي أخرجها الله للناس. واختار المسلمين بعدهم اختيارا نسبيا على حسب استقامتهم واستقامة غيرهم من الأمم على أن التوحيد لا يعدله شيء.
(وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣))
إيتاء الآيات من آثار الاختيار لأنه من عناية الله بالأمة لأنه يزيدهم يقينا بإيمانهم. والمراد بالآيات المعجزات التي ظهرت على يد موسى عليهالسلام أيد الله به بني إسرائيل في مواقع حروبهم بنصر الفئة القليلة منهم على الجيوش الكثيرة من عدوّهم.
وهذا تعريض بالإنذار للمشركين بأن المسلمين سيغلبون جمعهم مع قلتهم في بدر وغيرها.
والبلاء : الاختبار يكون بالخير والشر. فالأول اختبار لمقابلة النعمة بالشكر أو غيره ، والثاني اختبار لمقدار الصبر ، قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥] أي ما فيه اختبار لهم في نظر الناس ليعلم بعضهم أنهم قابلوا نعمة إيتاء الآيات بالشكر ، ويحذروا قومهم من مقابلة النعمة بالكفران.
[٣٤ ـ ٣٦] (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥)