و (الْخُلْدِ) : طول البقاء ، وأطلق في اصطلاح القرآن على البقاء المؤبد الذي لا نهاية له.
وانتصب (جَزاءُ) على الحال من (دارُ الْخُلْدِ). والباء للسببية. و (ما) مصدرية ، أي جزاء بسبب كونهم يجحدون بآياتنا.
وصيغة المضارع في (يَجْحَدُونَ) دالّة على تجدد الجحود حينا فحينا وتكرره. وعدي فعل (يَجْحَدُونَ) بالباء لتضمينه معنى : يكذّبون. وتقديم (بِآياتِنا) للاهتمام وللرعاية على الفاصلة.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩))
عطف على جملة (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) [فصلت : ٢٨] ، أي ويقولون في جهنم ، فعدل عن صيغة الاستقبال إلى صيغة المضيّ للدلالة على تحقيق وقوع هذا القول وهو في معنى قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) [الأعراف : ٣٨] ، فالقائلون (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) : هم عامّة المشركين ، كما يدل عليه قوله : (الَّذَيْنِ أَضَلَّانا).
ومعنى (أَرِنَا) عيّن لنا ، وهو كناية عن إرادة انتقامهم منهم ولذلك جزم (نَجْعَلْهُما) في جواب الطلب على تقدير : إن ترناهما نجعلهما تحت أقدامنا.
والجعل تحت الأقدام : الوطء بالأقدام والرفس ، أي نجعل آحادهم تحت أقدام آحاد جماعتنا ، فإن الدهماء أكثر من القادة فلا يعوزهم الانتقام منهم. وكان الوطء بالأرجل من كيفيات الانتقام والامتهان ، قال ابن وعلة الجرمي :
ووطئنا وطأ على حنق |
|
وطأ المقيّد نابت الهرم |
وإنما طلبوا أن يروهما لأن المضلين كانوا في دركات من النار أسفل من دركات أتباعهم فلذلك لم يعرفوا أين هم.
والتعليل (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) توطئة لاستجابة الله تعالى لهم أن يريهموهما لأنهم علموا من غضب الله عليهم أنه أشد غضبا على الفريقين المضلين فتوسلوا بعزمهم على الانتقام منهم إلى تيسير تمكينهم من الانتقام منهم. والأسفلون : الذين هم أشد حقارة من