على النبي صلىاللهعليهوسلم واستعصوا عليه قال : اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع فأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقيل له : استسق لمضر أن يكشف عنهم العذاب ، فدعا فكشف عنهم وقال الله له : إن كشفنا عنهم العذاب عادوا ، فعادوا : فانتقم الله منهم يوم بدر فذلك قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) إلى قوله (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان : ١٠ ـ ١٦] والبطشة الكبرى يوم بدر. وإن عبد الله قال : مضى خمس : الدخان ، والروم والقمر والبطشة واللّزام.
في حديث أبي هريرة في «صحيح البخاري» في أبواب الاستسقاء أن النبيصلىاللهعليهوسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة من الصبح يقول : «اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة. اللهم أنج سلمة بن هشام ، اللهم أنج الوليد بن الوليد ، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف. وهؤلاء الذين دعا لهم بالنجاة كانوا ممن حبسهم المشركون بعد الهجرة ، وكل هذه الروايات يؤذن بأن دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم على المشركين بالسنين كان بعد الهجرة لئلا يعذب المسلمون بالجوع وأنه كان قبل وقعة بدر ، وفي بعض روايات القنوت أنه دعا في القنوت على بني لحيان وعصيّة.
والذي يستخلص من الروايات أن هذا الجوع حلّ بقريش بعيد الهجرة ، وذلك هو الجوع الذي دعا به النبي صلىاللهعليهوسلم إذ قال : «اللهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف» ، وفي رواية «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف» فأتي النبي صلىاللهعليهوسلم فقيل له : استسق لمضر وفي رواية عن مسروق عن ابن مسعود في «صحيح البخاري» أن الذي أتى النبي هو أبو سفيان. وقال المفسرون : إن أبا سفيان أتاه في ناس من أهل مكة يعني أتوا المدينة لمّا علموا أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان دعا عليهم بالقحط ، فقالوا : إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يسقيهم فدعا. وعلى هذه الرواية يكون قوله تعالى : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) تمثيلا لهيئة ما يراه الجائعون من شبه الغشاوة على أبصارهم حين ينظرون في الجوّ بهيئة الدخان النازل من الأفق ، فالمجاز في التركيب. وأما مفردات التركيب فهي مستعملة في حقائقها لأن من معاني السماء في كلام العرب قبة الجو ، وتكون جملة (يَغْشَى النَّاسَ) ترشيحا للتمثيلية لأن الذي يغشاهم هو الظلمة التي في أبصارهم من الجوع ، وليس الدخان هو الذي يغشاهم. وبعض الروايات ركب على هذه الآية حديث