والتعريف في (السَّيِّئاتِ) تعريف الجنس المراد به الاستغراق وهو عام مخصوص بغير الشرك قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : ٤٨] ولك أن تجعله عوضا عن المضاف إليه ، أي عن سيئات عباده فيعم جميع العباد عموما مخصوصا بالأدلة لهذا الحكم كما في الوجه الأول.
وجملة (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) معترضة بين المتعاطفات أو في موضع الحال ، والمقصود : أنه لا يخفى عليه شيء من أعمال عباده خيرها وشرها. وقرأ الجمهور ما يفعلون بياء الغيبة ، أي ما يفعل عباده. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بتاء الخطاب على طريقة الالتفات.
والاستجابة : مبالغة في الإجابة ، وخصت الاستجابة في الاستعمال بامتثال الدعوة أو الأمر. وظاهر النظم أن فاعل (يَسْتَجِيبُ) ضمير يعود إلى ما عاد إليه ضمير (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) وأن (الَّذِينَ آمَنُوا) مفعول (يَسْتَجِيبُ) وأن الجملة معطوفة على جملة (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ).
والغالب في الاستعمال أن يقال : استجاب له ، كقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] وقد يحذفون اللام فيعدّونه بنفسه ، كقول كعب بن سعد :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب |
والمعنى : أن الله يستجيب لهم ما يرجونه منه من ثواب ، وما يدعونه.
ويجوز أن يكون (الَّذِينَ آمَنُوا) فعل (يَسْتَجِيبُ) أي يستجيبون لله فيطيعونه وتكون جملة (وَيَسْتَجِيبُ) عطفا على مجموع جملة (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) ، أي ذلك شأنه وهذا شأن عباده المؤمنين.
ومعنى (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) على الوجهين أنه يعطيهم ما أمّلوا من دعائهم وعملهم وأعظم مما أملوا حين استجابوا له ولرسوله ، وأنه يعطيهم من الثواب أكثر مما عملوا من الصالحات إذ جعل لهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف كما في الحديث ، وأنه يعطيهم من خير الدنيا ما لم يسألوه إياه كل ذلك لأنه لطيف بهم ومدبر لمصالحهم.
ولما كانت الاستجابة والزيادة كرامة للمؤمنين ، أظهر اسم (الَّذِينَ آمَنُوا) وجيء به موصولا للدلالة على أن الإيمان هو وجه الاستجابة لهم والزيادة لهم.
وجملة (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) اعتراض عائد إلى ما سبق من قوله : (تَرَى