فقالوا : «نعم ، لا نكلفه ما لا يستطيع ، وليس مرادنا إلا الصلاح لبلدنا ، ونحن معه في إصلاح البلد ، وما وقع فيها من فسادة ، فعلينا ازالته».
فسجل عليهم القاضي ذلك في المجلس المذكور (١).
فعند ذلك أشار الوزير المعظم سليمان باشا ، فأتى بفرو فألبسه مولانا الشريف عبد الكريم ، ثم أمر الوزير المذكور بقراءة الأمرين السابق ذكرهما (٢) من الملكين المعظمين السلطان مصطفى والسلطان أحمد.
ثم لما فرغ من قراءتهما دعى الشيي للسلطان على باب الكعبة ، وكذلك الريس بأعلى زمزم على جري العادة.
ثم دخل مولانا الشريف عبد المحسن ، ومولانا الشريف عبد الكريم إلى جوف الكعبة ، ومعهم الوزير سليمان باشا ، ومكثوا بها ساعة ، وتعاهدوا ثمة على الصدق فيما بينهم ، وخرجوا جميعا.
فسار الشريف عبد الكريم إلى بيت الشريف بركات بن محمد ، وجلس للتهنئة ، وأتاه الناس على مراتبهم ، فقابل بالإنعام ، وأخلع على أرباب المناصب والعساكر والحشم ، ونادى المنادي أيضا بالزينة ثلاثة أيام.
__________________
(١) هو المجلس الذي تنازل فيه الشريف عبد المحسن عن شرافة مكة للشريف عبد الكريم في الحطيم بالمسجد الحرام.
(٢) وكان محتواهما ما يأتي : أن سليمان باشا مفوض من قبلنا على الحرمين الشريفين قائم مقامنا قد نصبناه بصدد من رأى فيه صلاح العباد والبلاد. فمن رأى فيه غير ذلك عزله ونفاه وأقام من يرى فيه الصلاح. وهذا خطاب شامل لمن كان تحت طاعتنا ، محتميا بحمايتنا».