المتغلب.
فلما كان يوم التاسع والعشرين من رمضان : حملوا سلاحهم ، وباتوا ليلة الاثنين ، مظهرين الاستعداد للمقاتلة على حسب الطاقة على طبق ما صار ، ونزلوا في المتارس.
فلما رأوا القوم قد أقبلت ، نزلوا من مراكزهم من غير قتال (١) ـ والله أعلم بحقيقة الحال ـ.
وبلغنا أن الشريف سعد لما رجع إلى غامد وزهران ، راجع نفسه ، وقطع أمله ، وعاد إلى الله ، وبسط العذر لمن معه ، ولم يبق إلا من هو يملكه (٢). فبينما هو كذلك إذ جاءه بعض الرمالين (٣) فقال له :
«إني أرى لك أنك تلي أمر مكة ، ولا بد لك من دخولها ، ولكن إن مضيت لها مجدّا في السير هذا ، فإنك تملكها ما دام الشريف عبد الكريم بأرض اليمن».
فعند ذلك جدّد العزم وشدّ مأزر الحزم ، وسار مجدّا ليله ونهاره ، قاطعا للجبال (٤) والرمال برجله ، لعدم سلوك الخيل مركوبة ، في تلك
__________________
(١) عن هذه الأحداث انظر : أحمد زيني دحلان ص ١٣٩ ـ ١٤٢.
(٢) أي عبيده ومماليكه.
(٣) الرمالون : من يتعاطى علم الرمل أي المنجمون. وهذه من الأشياء التي نهى عنها الإسلام لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أتى عارفا أو كهانا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم». للأربعة والحاكم صحيح على شرطهما. الحاكم ـ المستدرك ١ / ٨ في كتاب الإيمان باب التشديد في اتيان الكاهن.
(٤) لأن هذه المناطق جبلية وعرة ، سلسلة جبال السراة.