ولما كان يوم الثلاثاء تاسع محرم : خرج الباشا المذكور إلى الحرم ، فأوحى إليه أن في سبيل السلطان مراد خان مرحاضا أحدثه الأفندي عبد الله عتاقي ، قصبته (١) في جدار المسجد ، فأرسل نقيب الأغوات مشدي (٢) باشي الفراشين وبعض خدم يشرفون على ذلك ، فأتوا إلى الأفندي عبد الله ، وأشرفوا على المرحاض. وعادوا فأخبروه أنه قديم من البناء الأصلي. فقام بنفسه إلى أن دخل علي المذكور في السبيل ، فأخبره المذكور بأن هذا قديم ، وليس بحادث. فكان جوابه عقابه بسبّ وضرب إلى أن أدماه ، ورماه على الأرض (٣) ، وداسه برجله ، وما نظر إلى الله (٤). وخرج ، فتلاه الأفندي (٥) بخروجه ، وقصد منزل مولانا الشريف ، وعليه دمه.
فلما علم مولانا الشريف بحاله ، كثر ندمه ، وأمر بتعزيل السوق (٦). وجاء الخبر إلى الباشا ، فدخل مدرسة السلطان سليمان
__________________
(١) في (ب) «قصبه». وقصبته بمعنى مجرى مائه. ابن منظور ـ لسان العرب ٣ / ٩٥.
(٢) في اصطلاح الأعمال رئيس العمال أو ملاحظهم. عبد الكريم القطبي ـ أعلام العلماء ـ الأعلام ص ١٣١ حاشية رقم ٢ ، حسين مجيب المصري ـ معجم الدولة العثمانية ٢٠٢. باشي : تركية بمعنى رئيس. رينهارت دوزي ـ تكملة المعاجم العربية ١ / ٢٣٢.
(٣) في (ب) «وعلى الأرض رماه».
(٤) كما أشار العصامي ـ سمط النجوم ٤ / ٥٦٥ إلى ذلك بقوله :
«ففي يوم تاسع محرم الحرام كانت واقعة من أحمد باشا المذكور إلى الأفندي عبد الله عتاقي مفتي السادات الحنفية ، ثار بسببها الخاص والعام». وكذلك أحمد زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ١٠٨.
(٥) هو عبد الله عتاقي.
(٦) خوفا من حصول اضطراب في البلد.