مطروحا (١) لقمة أو عددا ، فيجمع من هذا ثم يطبخه فيأكله. وكان رجل صدق ، وكان يقول : ما ضرّهم ما أصابهم في الدنيا إذا جبر الله لهم بالجنّة كلّ مصيبة.
ثم قال يحيى بن معين : صدق والله ، ما ضرّ رجلا اتقى الله على ما أصبح وأمسى من أمر الدنيا ، وما الدنيا إلّا كحلم لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة ، خرجت راجلا من بغداد إلى مكة ، هذا منذ خمسين سنة (٢).
حدّثنا عبد الله بن سليمان قال : قال أبو حمزة نصير بن الفرج خادم أبي معاوية ، قال : كان أبو معاوية ذهب بصره ، فإذا أراد أن يقرأ نشر المصحف ردّ الله عليه بصره ، فإذا أطبق المصحف ذهب بصره.
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا أحمد بن علي المقرئ ، يعني الطوسي ، أنا هبة الله بن الحسن يعني اللّالكائي ، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد ، أنبأ علي ابن أحمد المقرئ ، قال : سمعت أبا عثمان سعيد بن السكري قال : سمعت مؤذن غزة وقد ذهب عليّ اسمه قال : حدّثت عن أبي الزاهرية قال :
قدمت طرسوس فدخلت على أبي معاوية الأسود وهو مكفوف البصر ، وفي منزله مصحف معلّق ، فقلت : رحمك الله ، مصحف وأنت لا تبصر؟ قال : تكتم عليّ يا أخي حتى أموت؟ قلت : نعم ، قال : إنّي إذا أردت أن أقرأ فتح لي بصري.
أخبرنا أبو محمّد طاوس ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا عبد الرّحمن بن عبد الله ، أنا أبو بكر النجاد ، نا ابن أبي الدنيا ، نا أبو حاتم الرازي ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : قلت لأبي معاوية الأسود : يا أبا معاوية ما أعظم النعمة علينا في التوحيد ، نسأل الله أن لا يسلبناه. قال : يحق على المنعم أن يتمّ على من أنعم عليه.
قال : ونا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت محمّد بن إسحاق من أهل عكا قال : سمعت أبا معاوية الأسود العابد يقول : الله أكرم من أن ينعم بنعمة إلّا أتمها ، أو يستعمل بعمل إلّا قبله.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو
__________________
(١) بالأصل : شيء مطروح.
(٢) زيد في مختصر ابن منظور : كأنما كان أمس.