لصفوان بن أمية ، وأسروا ناسا ممن كان في العير معهم ، منهم أبو العاص بن الربيع ، والمغيرة ابن معاوية بن أبي العاص ، فأما أبو العاص فلم يغد أن جاء المدينة ، ثم دخل على زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم سحرا ، وهي امرأته ، فاستجارها فأجارته ، فلما صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفجر قامت زينب على بابها ، فنادت بأعلى صوتها ، فقالت : إني قد أجرت أبا العاص ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل سمعتم ما سمعت؟» قالوا : نعم ، قال : «فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء ممّا كان حتى سمعت الذي سمعتم ، المؤمنون يد على من سواهم ، يجير عليهم أدناهم ، وقد أجرنا من أجارت». فلمّا انصرف النبي صلىاللهعليهوسلم إلى منزله ، دخلت عليه زينب فسألته أن يردّ إلى أبي العاص ما أخذ منه من المال ، ففعل وأمرها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يقربها ، فإنّها لا تحلّ له ما دام مشركا ، ثم كلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه ، وكانت معه بضائع لغير واحد من قريش ، فأدّوا إليه كلّ شيء حتى أنهم ليردون الإداوة والحبل ، حتى لم يبق شيء ، ورجع أبو العاص إلى مكة فأدّى إلى كلّ ذي حقّ حقه وقال : يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم شيء؟ قالوا : لا والله ، قال : فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، لقد أسلمت بالمدينة ، وما منعني أن أقيم بالمدينة إلّا أنّي خشيت (١) أن تظنوا أنّي أسلمت لأن أذهب بالذي لكم ، ثم رجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فردّ عليه زينب بذلك النكاح.
قال الواقدي : ويقال : إنّ هذه العير كانت أخذت طريق العراق ، ودليلهم فرات بن حيان (٢) العجلي.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عبد الله بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن الخلال ، أنا أبو الحسن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان بن شهاب النقري الدقاق ، نا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي القاضي ، إملاء ، نا عبد الله بن شعيب ، حدّثني أيوب ابن سليمان ، حدّثني أبو بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن أنس قال : لما أخذ أبو العاص بن الربيع قالت زينب : إنّي قد أجرت أبا العاص ابن الربيع ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أجرنا إجارة من أجارته زينب» [١٣٤٧١].
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أحمد بن أبي عثمان ، وأحمد بن محمّد بن إبراهيم.
__________________
(١) ترأ بالأصل : حسبت ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٢) تقرأ بالأصل : جبار ، والمثبت عن مغازي الواقدي.