المؤتمر ، وقرروا بمقتضاه أن الباب العالي حاضر إلى إجراء القسم المهم من تلك المطالب واتخذوا منشوره المؤرخ في ١٣ فبراير سنة ١٨٧٦ وما قررته الدولة العثمانيّة في المؤتمر حجة ، سيما وذلك كان على يد وكلائها وقد كان ظهر للدول بالنظر إلى استعدادات الباب العالي الحسنة ومصالحه الحقيقيّة في إجرائها أنها متيقنة بما أملته من أن الباب العالي حيث انتهز هذه الفرصة الحاضرة فإنه يقوم بحزم لإجراء الوسائل المعدة لتحسين حال النصارى حقيقة ، وهذا المطلوب من الأمور الضروريّة لراحة أوربا ، وحيث سلك هذه الطريقة علم يقينا أن من شرفه ومصلحته أن يجتهد في ذلك بعزم على وجه مستقيم فتطلبت الدول إذ ذاك أن تلاحظ كيفيّة إجراء الدولة العثمانيّة مواعيدها بواسطة وكلائهم في الاستانة ونوابهم ، وإذا بات مأمولهم عديم النجاح مرة أخرى بأن لم تتحسن حال النصارى رعايا حضرة السلطان بكيفيّة تمنع رجوع التشعبات التي تضطرب بها دائما راحة المشرق فلعله سيظهر لهم من الواجب أن يقرروا أن مثل هذا الحادث لا يوافق مصالحهم ومصالح أوربا عموما ، وفي هذا الحال تتحفظ الدول بإعلان ما يرونه عموما من الطرق التي ستظهر لهم التزاما لتقرير خير الأمم النصارى ومصالح السلم العمومي. وكتب في لندرة في ٣١ مارس سنة ١٨٧٧».
وأرسلوها للدولة العليّة كالبلاغ الأخير فرفضتها ويا ليتها قبلتها إذ هي مطابقة لما كان أصدرته من الفرمان المطابق للائحة الكونت إندراسي والمراقبة من الدول إذا كان إجراء الإصلاح حقيقة مقصودا لا ضير فيها ، سيما ونفس معاهدة باريس المصرحة بكمال إستقلال الدولة العليّة في إدارة ممالكها هي أيضا مصرحة باشتراط إصلاح الإدارة المتضمن لمراقبة الدول لها ، إذ لا معنى لجعلها شرطا في معاهدتهم إلّا أن يكون لهم حق في طلب إجرائها كما يطلبون إجراء سائر شروط المعاهدة ، نعم في ذلك ما ينافي النخوة لكن باب ارتكاب أخف الضررين لا ينسى ولا يخفى أن دولة الروسيا تشمل ما ينيف عن الثمانين مليونا وإذا أضيف لها مظاهروها من اتباع الدولة العليّة كانت نحو تسعين مليونا من النفوس وهي مرتاحة من الحرب وتهيأت لها منذ عشرين سنة ، وأوصلت سكك الحديد إلى أطراف ممالكها التي يعتني بها ، ولا ينسى أنه منذ ثلاثة وعشرين سنة فقط قد حاربتها أربع دول معا وكانت الحرب بينهم سجالا والدولة العليّة لا تشمل أكثر من أربعين مليونا منهم خمسة عشر مليونا أكثرهم معاضد لعدوها بالمال والرجال وأقلهم لا يعينون بالمال إلّا عن مضض فضلا عن الأنفس ، وقد كانت إذ ذاك في حرب أهليّة دامت نحو السنتين ولم تتهيأ بكمال الإستعداد لتوهم انتصار الدول لها فإذا هم قد انفردوا عنها وتركوها وخصمها فقامت الحرب على ساق وظهر من صناديد العثمانيين ما هو معروف ، حتى أقر سائر الأجناس لهم بأنهم أمة لم تزل حيّة سيما ما بدا من عسكر البطل الغازي عثمان باشا المشير فإنه قاتل في بليفنا التي صيرها حصنا عظيما في مدة حربه بجيش لا يبلغ الأربعين ألفا جيشا عرمرما من الروس والرومانيا يتجاوز المائة والعشرين ألفا وقتل منهم ما ينيف على عدد جيشه ولولا سبقيّة القدر بعدم إنجاده لما تيسر للروس مجرد حصار جيشه حتى اضطر إلى الهجوم لخرق