لها مكاتب على طبقات ابتدائية ووسطى وانتهائية وعليا.
فالطبقة الأولى : لا تكاد تجد قرية خالية عنها.
والثانية والثالثة : إنما توجد في المدن الكبيرة كمرسيليا.
وأما الرابعة : فلا توجد إلا في باريس وإليها تأوي التلامذة بعد استكمال معارفهم ، على أن المثرين يؤثرون التعليم من البداية في باريس بل ولا يختص هذا بأهل فرنسا ، فإن الكثير من ممالك المشرق وبعض غيرها يرسلون أبناءهم للتعلم بها ، وفضلا عن الفخر بالعلم يفتخر بالتعلم بها وهي جديرة بذلك لولا طيش في أخلاق غالب المتعلمين بها من الغرباء سيما المسلمين ، فإنهم يحدث لهم فساد في أخلاقهم لخروجهم عن الطور والأدب الداعي له العرض والدين ، وكان سبب ذلك رؤيتهم بها كثرة الخلاعة والإطلاق والنفوس مائلة إلى الخبائث نسأل الله التوفيق ، ومن أسباب ترقي المعارف كثرة الكتب وسهولة التوصل إليها ففي فرنسا ٥٠٠ مكتبة تحتوي على ٠٠٠ ، ٥٩٨ ، ٤ كتابا من الكتب المطبوعة ، و ٠٠٠ ، ١٣٥ من كتب الخط ومكتبة الأمة في باريس هي أكبر الجميع ففيها ٠٠٠ ، ٠٧٨ ، ٣ مجلدا.
مطلب في الصنائع
الصنائع في فرنسا مضاهية لما فيها من المعارف والفلاحة فيها متقدمة للغاية علما وعملا بحيث أن لها مدارس عديدة تأوي إليها التلامذة من الآفاق لأخد علومها بالتدريس والمشاهدة ، وكل مدرسة تحوي من آلات العمل وآلات العلوم الآلية للفلاحة كالطبيعيات جميع ما يحتاج إليه ، وهكذا سائر الصنائع بحيث أن مصنوعاتها متقنة ظريفة للغاية يرغب فيها في سائر الأقطار لظرفها وتحسينها ورونقها وإن كانت بعض الأقطار أمتن صناعة ، وفرنسا جامعة لكل الصنائع المعروفة في العالم حتى الخزف الصيني والمنسوجات الكشميرية يقلد عليها في فرنسا ويؤتى بالمصنوع مشابها للأصل وقد برعوا في الآلات بأنواعها سيما الكهربائية ، وقد خصوا لها معرضا سنة ١٢٩٨ ه ١٨٨١ م لامتحان ما أثمرت من الفوائد وقد رأيت سنة ١٢٩٥ ه ١٨٧٨ م آلات غريبة كهربائية منها آلة يمكن بها رؤية ما في داخل المعدة ، بأن توخذ قناة جيدة من اللصطيك وطرفها زجاج وتدخل في الحلق إلى أن تصل للمعدة ويجعل في أعلى الحلق مقابل المعدة مرآة صغيرة ومقابلها على اللسان مثلها ، ثم يدخل في القناة سلك معدني لين إلى أن يصل إلى الزجاج الذي في المعدة ثم يوصل بالسلك من خارج أسلاك الكهرباء المضيئة فيضيء السلك في المعدة من غير إحراق ، ويرتسم خيال المعدة بما فيها في المرآة العليا ويرتسم مثله منها في المرآة التي على اللسان ، وينظر الطبيب بالمرآة المكبرة ما يريد وبمثل ذلك ينظر في الرحم وداخل الأذن والحلق ، ورأيتهم بصدد تجربة جر الأثقال بالكهربا وأروني آلة صغيرة تغلب قوة الإنسان الجهيد إذا كان قابضا يديه تفتحهما والعكس بأسرع وقت فلا يبعد أن تطال تلك الآلة على