الدين بربروس باشا وأخيه ، عروج على شطوط الجزائر للبحث عن حالة الأندلس مع الإسبنيول ضج إلى هذا الاسطول أهالي الجزائر وطلبوا من الأمراء حماية هذا القطر الإسلامي ما دام فيه رمق قبل هجوم الإسبنيول عليه وذلك أحق من تتبع الإسبنيول في الأندلس إذ لم يبق فيها مسلم فأجابوا طلبتهم بعد تصحيحهم للإتفاق ، ومن ذلك التاريخ استقرت الحكومة للدولة العثمانية وذلك في حدود سنة ٩٤٥ ه وجرت أعمال الدولة في الجزائر على نحو ما قررناه في تونس لأن المراد هو حماية البلاد الإسلامية واتحادها وجرى من الولاة الترك أولا الإستقامة والعدل ثم لما تهورت العساكر إلينكشارية في جميع الجهات ، حصل منهم أيضا في الجزائر ما ضجرت منه الأهالي وطغوا في النصب والعزل للولاة من هؤلاء العساكر حسب الشهوات وقوة العصبية ، ولم يحسن من هؤلاء الولاة الإمتثال لأوامر الدولة العثمانية إلى أن ولي حسين باشا الذي كان سببا في دخول الفرنساويين إلى البلاد والحكم لله رب العباد.
مطلب في تاريخ الجزائر الجديد :
إعلم أن الدولة الفرنساوية لما ترقت في المعارف والقوات سيما في الأعصر الأخيرة لازمها حب الظهور وعدم تحمل الهوان وكانت الدولة العثمانية في شغلها الشاغل من أعمال إلينكشارية وحروب الروسية وثورات اليونان وضم إلى ذلك طغيان ولاة الأقاليم وعدم امتثالهم للأوامر ، وكان حسين باشا والي الجزائر مستبدا ظلوما مرتشيا قليل التدبر وحصل منه إهانة لقنسل فرنسا وذلك على ما في تاريخ ابن الضياف أحد التجار اليهود الأغنياء الجزائريين الملقب ببقرى أو جناح ، له خلطة مالية مع تجار من الفرنسيس وتداعوا في خسائر من الجهتين وانتصر حسين باشا لرعيته بالإلحاح على قنسل فرنسا في إنصافه وآل الأمر إلى صلح يدفع على مقتضاه التجار الفرنساويون إلى التاجر الجزايري مالا وافرا وأضمر حسين باشا أخذ المال لنفسه لما رآه ذريعا وراجعا لرعيته وتلك عادة ألفوها ولما قرب دفع المال وإذا بتجار أخر فرنساويون قاموا على بقرى المذكور بدين أوقفوا عليه المال الذي يريد قبضه فاستاء حسين باشا من ذلك وطلب من القنسل رفع الإيقاف وقال إن أرباب الدين الفرنسيس الطالبين لرعيته يتبعون ذمة المدين بعد قبضه للمال بحيث لا يكون للطالبين حق في المال الذي يدفعه الفرنساويون فامتنع من ذلك القنسل مستندا إلى أن المال المعرقل مال المدين والغرماء لهم حق فيه إلا إذا ضمنه من يرضون بذمته وكان المدين نفسه مغريا بهذا التدبير خوفا على ماله من الضياع باستيلاء الباشا عليه ، فأعرض الباشا عن القنسل وكاتب دولة فرنسا في غرضه فأرسلت المكتوب إلى القنسل وأمرته بالجواب عنه ، ولما قدم القنسل إلى الباشا لبعض مآرب خاطبه الباشا في استبطاء جواب مكتوبه المشار إليه إلى دولة فرنسا فقال له القنسل : إن المكتوب أرسلته الدولة إليّ وأمرتني بالجواب عنه فسأل عن سبب عدم إجابة الدولة له فأجابه بما فهم منه احتقاره وكانت بيد الباشا منشة يطرد بها الذباب فضرب بها وجه القنسل وطرده وبقي أسفا على ما فاته من مال بقرى ، وتهددت