وأما الأواسط والأعالي فبعضهن صرن يلبسن مثل نساء الإفرنج نصا سواء ، غير أنهن إذا خرجن في الطريق يلبسن رداء من حرير ويتنقبن بصفيق من الحرير أو القطن على أنوفهن فما دونها وفي الحقيقة وجههن كله مكشوف ، وإذا ركبن في العجلات تكون طواقيها مفتوحة غير أنهن يسدلن ستاراتها نحو النصف من الطاقة ، والبعض الآخر الذي لم يزل على العادة القديمة فيلبسن على القميص فرملة مزركشة بالفضة وعليها عباءة رفيعة ، وعلى رؤسهن نحو طاسة من ذهب أو فضة أو نسج رفيع وكل ثيابهن يصل إلى الكعب ، وإذا خرجن التحفن في رداء ثخين وعلى وجوههن نقاب ثخين ويجعلن على الأنف شيئا مثل الأصبع ممسوكا في النقاب ليبعد النقاب عن الأعين والأنف للنظر والتنفس ، والنساء لهن صولة على الرجال في البيوت.
مطلب في الأكل بمصر
أما الخبز فالعام عند الجميع هو نوع مستدير في ارتفاع إصبع قليل النضج قطره أزيد من شبر ، ويوجد بقية أنواع الخبز الإفرنجي ، وأما الأطعمة فلها أنواع عديدة والغالب في الأسواق نوع من الفول مطبوخ في الماء وعليه شيء من السمن ، وكذلك نوع من السمك مقدد عفن الرائحة ، وسائر طعامهم فيه الأدام بكثرة وأدامهم السمن ، وأما الزيت فلا استعمال له إلا في السلاطة وزيتهم رديء لأنه مجلوب من أكريد والشام ، وكل لا يحسنون عصر الزيتون والحسن عندهم هو المجلوب من إيطاليا ولا يستعمل إلا فيما ذكرناه ، كما أنهم لا يأكلون من النعم إلا الغنم ولحم البقر لا يأكله إلا الفقراء وهو معيب كما أنه في نفسه رديء والإفرنج يأكلونه ، والفقراء يأكلون الجاموس والإبل وفي القرى والعرب والسودان يكثر أكل الإبل ، وكذلك الذرة والدخن أي الدرع أما هيئة الأكل فهي على نحو الأنواع التي ذكرناها في تونس ، وأما وقته فهم يأكلون مرتين غالبا إحداهما صباحا بعد الشروق ويخرجون إلى أشغالهم ثم يعودون إلى ديارهم قرب الغروب فيتعشون.
مطلب في المواكب
أما المواكب الرسمية فهي في العيدين ، أي الفطر والأضحى ، فيجلس الخديوي في إيوان كبير بقصره بعد الإعلان من قبل بوقت المعايدة ويكون لابسا لباسه المزركش الرسمي متقلدا بنياشينه ، فيدخل عليه رجال دولته والعلماء الأعيان واحدا أثر الآخر مسلمين عليه بتقبيل ذيله ، ويقف هو للكبراء ثم ينصرفون ، ويكثر تزاور الناس فيما بينهم ، وأما الأعراس والختان فيحتفلون لها بزينة الدار ، ويدعون طباخين معدين لذلك فيأتي الطباخ بسائر أدوات الطعام والموائد والمناديل والخدمة ويطبخ كفاية كل المدعوين الذين يعين لهم الوقت للدعوة من بعد الظهر إلى قرب الغروب ، ومهما حضر إثنان أو أزيد أدخلوا إلى بيت كبير وتقدم لهم مائدة على قدرهم فيها أنواع شتى من الطعام المطبوخ والحلو ويكثرون من الأصناف إلى نحو العشرين لونا والمترفون يزيدون إلى نحو الأربعين لونا وهكذا الكل