بعضهم ببعض ، وهي مساكن لا بأس بها.
كما يوجد خارج البلد مقبرة إسلامية محوطة بسور ولها باب مغلق مفتاحه عند إمام الجامع وهو جامع ظريف ، والإمام يقيم هناك ، والقائم بالجميع الدولة العثمانية لكثرة ورود المسلمين إلى هناك حجاجا وتجارا من المشرق والمغرب ، فأقيم ذلك الإمام للصلاة بالجامع وعلى من يموت لكنه عوضا عن سلوكه مسلك الديانة كان مقيما على الخنا والجامع معطل ولله عاقبة الأمور.
وعند مروري على حوانيتها وجدت بها أسرة من حديد صغارا خفيفة تفلق حتى يصير الواحد في طول ذراع وغلظ سبع عقد ويلف في الكتان الثخين الذي يفرش على ظهره للنوم عليه فأخذت منها إثنين للرحلة في الحجاز. وفتشت على معمل صغير يمكن حمله بسهولة للثلج فلم أجده هناك ولا وجدت شيئا يحتمل أني لا أجده في غيرها فاكتفيت بذلك وسافرت منها بعد الإقامة بها ثلاثة أيام راكبا باخرة تجارية إنكليزية متوجها إلى إسكندرية.
الفصل الثاني : في التعريف بمالطة
مسمى هذا الإسم ثلاث جزر واقعة في البحر الأبيض على دقيقة ٤٥ درجة ٢٥ من العرض الشمالي دقيقة ٤٤ درجة ٢٢ من الطول الشرقي.
الجزيرة الأولى : تسمى فاليتا ، وبها خمسة عشر قرية أكبرها فاليتا التي هي القاعدة.
والجزيرة الثانية : تسمى أدوج بها ستة عشر قرية.
والجزيرة الثالثة : تسمى كمونة وبقربها أخرى تسمى فلفلة صغيرتان ليس بهما سكان وإنما يقدم إليهما أهل الجزيرتين الأخريين للفلاحة بهما ، واختلف الجغرافيون في إلحاق مالطة فمنهم من جعلها من أفريقية ومنهم من جعلها من أوروبا لقربها لكل منهما.
وكل هاته الجزائر جبال صخرية غير أن حجرها لين سهل النحت فإذا جف بالشمس تصلب نوعا ما فأرضها غير جيدة لكن لشدة العمل والمعالجة صارت صالحة لزراعة كل النباتات التي بالبلاد الحارة.
وأما جبالها : فليست بمرتفعة وليس بها بالكاني وليس بها نهر إلا ما يحدث عند المطر من السيول وليس بها بحيرة.
وأما عيونها : فتوجد بها عينان ضعيفتان : إحداهما : بالجزيرة الأولى. والثانية : بالثانية ماؤهما عذب مشوب بشيء يسير من الملوحة ، وأكثر شرب أهلها من ماء المطر المخزون في دهاليز وجرار.
وأما هواؤها : فهو أميل للحر لقربها من المنطقة الحارة وتحدث فيها الأسحبة فجأة بأمطار كأفواه القرب مع رعود وبروق هائلة وتنكشف بسرعة ويحدث ذلك بها ولو صيفا إلا أنه بقلة فيه ، وأما في الخريف والشتاء فهو كثير والهواء خريف مضر بالصدر كثير الندى حتى يفسد المأكولات وغيرها المخزونة في أماكن قليلة تغير الهواء.