المشروع من أكثر وجوهها فلا عياط ولا زياط ولا قراءة بالطرقات ولا ولائم من صاحب المأتم ، وإنما يفعلون في ذلك ما هو المشروع في السنة أجرى الله أحوالنا وأحوالهم جميعا على الوجوه المشروعة.
مطلب في اللغة
لا يخفى أن الحجاز هو ميدان بلاغة العرب ومجال تسابق فرسان الكلام لكن ذلك كله قد انعكس على ضده فلا تكاد تجد متكلما باللغة العربيّة المعربة حيث دخلت العبارات العجمية بين القوم منذ تغلب الأعجام على الدولة الإسلاميّة ، لأن الناس على مذهب أمرائهم فيقلدون الغالب والقوي حتى في نحلته وكلامه وما كفى ذلك في إدخال المفردات الأعجميّة حتى سرى الأمر إلى اللحن في الأعراب كما هو مقرر من قديم حيث ذكروا في سبب وضع علم النحو سماع سيدنا علي عليهالسلام للحن في الكلام فأشار بوضع ذلك العلم ، ومن البديهي أن الأمر يتفاقم بطول المدة وشدة الأسباب ففي ذلك الوقت لم يكن إلّا اختلاط الأمة بأمم أخرى ثم ازداد بعد ذلك بتمكن الأعاجم من الدولة ففسدت اللغة في الحجاز فسادا كليّا حتى لم يبق من يكتب كتابة مستقيمة في الأعراب والألفاظ إلّا النادر ممن هم أهل علم ، وربما اضطروا إلى كتابة كثير من المفردات الأعجميّة لشهرتها وتعارفها وهجران ما يرادفها من أصل العربيّة ، وسبحان مقلب الأحوال وهو لا يتغير ولا يزال.