واختط بها ، وله بمصر دار بسر ، وحمّام بسر (١). وكان من شيعة معاوية بن أبى سفيان ، وشهد مع معاوية صفّين. وكان معاوية وجّهه إلى الحجاز واليمن فى أول سنة أربعين ، وأمره أن ينظر من كان فى طاعة علىّ فيوقع بهم. ففعل بمكة والمدينة واليمن أفعالا قبيحة (٢). وقد ولى البحر لمعاوية ، وكان قد وسوس فى آخر أيامه (٣) ، فكان إذا لقى إنسانا ، قال : أين شيخى؟ أين عثمان؟ ويسلّ سيفه. فلما رأوا ذلك ، جعلوا له فى جفنه سيفا من خشب ، فكان إذا ضرب به لم يضرّ. حدّث عنه أهل مصر ، وأهل الشام ، وتوفى بالشام فى آخر أيام معاوية. وله عقب ببغداد ، والشام (٤).
حدثنا أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبى ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن الوزير ، قال : حدثنا عبد الحميد بن الوليد ، قال : حدثنى الهيثم بن عدىّ ، عن عبد الله بن عيّاش ، عن الشّعبىّ : أن معاوية بن أبى سفيان أرسل «بسر بن أبى أرطاة القرشى ، ثم العامرى» فى جيش من الشام ، فسار حتى قدم المدينة ، وعليها ـ يومئذ ـ أبو أيوب «خالد ابن زيد الأنصارى» صاحب النبي صلىاللهعليهوسلم. فهرب منه أبو أيوب إلى علىّ بالكوفة. فصعد بسر منبر المدينة ، ولم يقاتله بها أحد ، فجعل ينادى : يا دينار ، يا رزيق ، يا نجار. شيخ
__________________
ابن يونس ، وغيره. وذكره أبو عبد الله محمد بن سنجر فى مسنده فى (الصحابة) ، وذكر روايته حديث : «اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها ، وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة». وأورد هذا الدعاء بروايته ـ أيضا ـ الذهبى فى (سير أعلام النبلاء) ج ٣ / ٤١٠ ، لكن الذهبى ـ رغم اعترافه بأنه فارس شجاع ، فاتك من الأبطال ـ قال : فى صحبته تردد. وفى (تاريخ الإسلام) ج ٥ ص ٣٦٩ : جزم أنه لا صحبة له ، وأن هذا هو الصحيح.
(١) تاريخ دمشق ١٠ / ٣ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٤١٠ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٣٦٨. وقد ثبت أنه اختط بمصر. ويبدو أنه أقام بها بعض الوقت (قال ابن عبد الحكم : اختط بسر بمصر خلف الليثيين ، الذين كانوا مع عمرو بن العاص (وهم آل عروة بن شييم) عند أصحاب القراطيس. (فتوح مصر ١١٥).
(٢) ورد أن معاوية ولاه الحجاز واليمن (تاريخ الإسلام ٥ / ٣٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٤١٠ ، والإصابة ١ / ٢٩٠). وسيأتى ـ بعد قليل ـ عرض لجانب من أعماله القبيحة.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ٤١٠ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٣٦٨ (وقرأها المحقق : «شوّش») ، والتهذيب ١ / ٣٨١ ، وحسن المحاضرة ١ / ١٧٤.
(٤) تاريخ دمشق ١٠ / ٣ (بإسناد ابن عساكر إلى أبى عمرو بن منده ، عن أبيه أبى عبد الله ، أنبأنا أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب الكمال ٤ / ٦١. ويبدو أن ابن عبد الحكم هو أصل المعلومة الأخيرة المتصلة بمن حدث عنه ، وبوفاته ؛ إذ إنه قطع بأنه لم يرو عنه غير أهل مصر والشام ، وذكر أحد من روى عنه من أهل الشام (يونس بن ميسرة). وجعل وفاته بالشام أيام معاوية (فتوح مصر ٢٦٠).