ولمحفل ذو العلم بين شهوده |
|
متحفظ وأخو البلاغة محصر |
أسكتّ ناطقه بقول فيصل |
|
أعيت نقائضه على من ينكر |
لا جاهل الأقوام ثمّ مقدّم |
|
وهو الكميّ ولا الوجيه موقّر |
فيودّ من ترك التأدّب للغنى |
|
لو أن أنقص مكسبيه الأوفر |
وتراه إن لبس الكلام دروعه |
|
يعتل في زرد الدلاص (١) فينحر |
ولمرهف الجنبات يركب رأسه |
|
فيظلّ ينظم في الطروس (٢) وينثر |
يمضي بحيث المشرفية تنثني |
|
ويطول حيث السمهرية تقصر |
فكأنما المعنى الخفيّ معرّض |
|
وكأنه لدن بكفّك أسمر |
إن ضنّ طرف لا يراك بدمعه |
|
فلأيّ يوم بعد يومك يدخر |
يا صاحبيّ أرى الوفاء يشوبه |
|
هفوات قلب محافظ لا يغدر |
قولا لقلبي (٣) ما لوجدك حائرا (٤) |
|
لا الشوق مغلوب ولا هو يظفر |
قصر ارتياحك قيل : ما طول المدى |
|
فإذا تطاول فارتياحك أقصر |
يا من كأنّ الدهر يعشق ذكره |
|
فلسانه من وصفه لا يفتر |
بأبي ثراك وما تضمّنه الثّرى |
|
كلّ يموت وليس كلّ يذكر |
قرأت بخط أبي محمّد عبد الله بن محمّد بن سعيد بن سنان الشاعر ، أنشدني أبو القاسم سلمة بن علي بن سلمة قال : كتب القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن هندي الحمصي إلى أبي وكان القاضي مريضا رقعة ضمّنها هذه الأبيات :
لا متّعت عيني بطيف رقادها |
|
إن لم تكن مذ غبت نصب عيانها |
قد كان لي عنها عليك مكيدة |
|
ما كان لي صبر على كتمانها |
نظرت إليك فكنت ألطف من رأت |
|
حسنا فأجلت من لطيف مكانها |
حتى إذا نقلتك فيه (٥) صورة |
|
بادرتها فضممت من أجفانها |
فمتى دعا نفسي إليك نزاعها |
|
فجرت وأرخى الشوق فضل عنانها |
أخذت يدي المرآة فاستقبلتها |
|
ونظرت من عيني إلى إنسانها |
قد كنت أسأل ما البلاغة مرة |
|
فأقر بالتقصير عن عرفانها |
__________________
(١) الدلاص هي الدرع الملساء اللينة.
(٢) الطروس : الصحف.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : لقلبك.
(٤) بالأصل وم و «ز» : حائر.
(٥) «فيه» ليست في م.