ولقد نظرت إلى الزمان وجوره |
|
فأبيت عيشه من يضام ويقهر |
ورغبت عن دار سحاب همومها |
|
غدق ونكباء (١) النوائب صرصر |
دار يسوؤك منعها وعطاؤها |
|
وتذم فيها غبّ ما تتخيّر |
تأتي فيؤلمك انتظار فراقها |
|
وتروغ عنك إلى سواك فتحشر |
فالناس إمّا حاذر مترقّب |
|
أو حاصل منها على ما يحذر |
وإذا رأيت العيش في إقبالها |
|
نكدا فكيف تظنه إذ يدبر |
إن ضنّت الدنيا عليك بقربها |
|
فلقد علمنا أنّ حظك أكبر |
فارقتها فأمنت هول فراقها |
|
وتكرّمت عيناك مما تنظر |
وهجرت (٢) قوما طال ما صاحبتهم |
|
لك عاذر إن كان شيء يعذر |
ما عفتهم حتى وردت حياضهم |
|
وخبرتهم فصدقت عما تخبر |
فثويت تأمن منهم ما يتّقى |
|
وتنام عن غير الزمان وتسهر |
من أصغر الدنيا فذاك عظيمها |
|
لا من تراه بعزّها يستكبر |
يبدي إذا افتقر الخضوع بقدر ما |
|
يختال في ثوب الرخاء ويبطر |
من لم يهن فيما لديه ما صفا |
|
عزّ العزاء عليه فيما يكدر |
يا حبذا أدب الحكيم فإنّه |
|
لا عابس كزّ (٣) ولا مستبشر |
يا من يرى ما لا تراه عينه |
|
ويغيب بعض القوم عمّا يحضر |
الحيّ من تلقاه حيا عقله |
|
والموت (٤) موت الجهل لا من يقبر |
من للخطوب إذا تدانى وردها |
|
وبدا من الأمر الجناب الأزعر (٥) |
كانت تسرّ وجوهها ووعيدها |
|
فالآن تطّرح القناع وتجهر |
فلربما أصدرتها فثنيتها |
|
رغما وصدر الهول فيها موغر |
ولمحضر أحسنت فيه خلافتي |
|
حي اشرأبّ لما وصفت الحضّر |
ردّيتني برداء فضلك فانثنى |
|
أدبي به زهوا يميس ويخطر |
__________________
(١) نكباء : هي الريح التي انحرفت بين ريحين ، ووقعت بينهما ، أو بين الصبا والشمال (راجع تاج العروس بتحقيقنا : نكب).
(٢) الأصل : هجرت ، والمثبت عن «ز» ، والمختصر.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : كمّ.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» ، والمختصر : والميت ميت الجهل.
(٥) كذا بالأصل والمختصر ، وفي م : «الأوفر» وفي «ز» : الأوغر.