يحتمل الزبد ، وكأن الزبد غير مرغوب فيه ، والزبد هو المخلفات والأوساخ يجرفها السيل معه ، وقال صاحب المجمع : الاحتمال رفع الشيء على الظهر بقوة الحامل له ، ويقال : علا صوته على فلان فاحتمله ولم يغضب ، والزبد وضر الغليان ، وهو خبث الغليان ، ومنه زبد القدر وزبد السيل ، ورابيا : مرتفعا يتزايد باستمرار تدفق السيول عليه.
(وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ)
كما أن ما يجرفه السيل زبد ، فكذلك المعادن التي تصهر بالنار لتصنع منها الحلي هي زبد أيضا ، وهذه إشارة بأن صناعة الحلي تعتمد على الصهر بدرجات حرارية كبيرة ، وسبب أن متع الحياة زبد أنها تشغل الإنسان بالظاهر ، وتدعه ينسى هدفية الحياة ، ويتصور أن هدفيّة الحياة هو ما يحصل من هذه المتع.
(كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ)
إذا فمتع الحياة مثل الزبد ، وهذا هو الباطل ، أما الحق فعادة ما يغفل عنه ، ذلك لأنّ الحق ليس الذي يستهويك ، انما الحق هو الذي يكمن خلف المباهج ، فلا تغرنك المباهج بل ابحث خلفها عن الحقيقة الناصعة.
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً)
أيّ ان الزبد يتلاشى ويضيع هدرا ، قال الراغب في مفرداته : جفاء : وهو ما يرمي به الوادي أو القدر من الغثاء الى جوانبه ، يقال : أجفأت القدر زبدها : ألقته إجفاء ، وأجفأت الأرض : صارت كالجفاء في ذهاب خيرها. (١)
__________________
(١) مفردات ألفاظ القرآن ـ ص ٩٢.