الأرض فتستقبلها الأودية ليروي الزرع والضرع ، ويجعل الأرض مخضرّة ، ويزيل شوائب الحياة «الزبد» ولكن الإنسان بدل أن يهتم بالماء نجده يهتم بهذا الزبد الطافح عليه ، ألّا يدل ذلك على قصر النظر؟! فليس النفع في الزبد ولكن النفع في الماء ، والزبد هو الشيء الظاهر ، والإنسان لا يبحث غالبا عن الظّاهر ، وهو عادة يحبّ المظاهر ، فالزّبد يمثل متع الحياة الدنيا وليست الحياة الدنيا بأفضل من الزبد ، بل هي والزبد سواء.
بينات من الآيات :
الخضوع بين الطوع والإكراه :
[١٥] (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)
«من» اسم موصول للعاقل ويبدو ان المراد منه هنا مطلق الأشياء. وذلك لأنّ ما نسب إليها هو فعل العقلاء فلله يسجد من في السماوات والأرض من الكائنات كالحيوان والإنسان ، وغيرهما مما لا يعلمه إلا الله ، انما تسجد لله خاضعة له بإرادتها فان لم تسجد لله طوعا أسجدها الله له كرها ، والسجود بالنسبة للمكرهين تعبير عن الخضوع لأمره ، فهذا الإنسان محكوم بقوانين وضعها الله له في كل جوانب حياته ، وبعد مماته.
(وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ)
الغدو صباحا مع شروق الشمس ، والآصال مساء عند غروب الشمس ، وهذا تعبير عن حركة الأرض حول الشمس ، والغدو والآصال هو بداية ونهاية نشوء الظل ، فالظل يبتدئ طويلا فيأخذ بالقصر حتى منتصف النهار ، حيث ينعدم ويبدأ في الطول ، حتى ينعدم نور الشمس ، فهو يبتدئ طويلا ، وينتهي طويلا ، وينعدم فيما بينهما. وهكذا تخضع الظلال لحركة الشمس المسخرة بدورها لله