فوائد جمة لا يدركها الا العاقلون ، والامام الصادق (ع) يفصل ذلك للمفضل بقوله :
«فكر يا مفضل في مقادير النهار والليل كيف وقعت على ما فيه صلاح هذا الخلق ، فصار منتهى كل واحد منهما ـ إذا امتدّ ـ الى خمس عشرة ساعة لا يجاوز ذلك ، أفرأيت لو كان النهار يكون مقداره مائة ساعة أو مائتي ساعة؟ الم يكن في ذلك بوار كل ما في الأرض من حيوان أو نبات.!؟ اما الحيوان فكان لا يهدأ ولا يقر طول هذه المدة ، ولا الإنسان يفتر عن العمل والحركة ، وكان ذلك سيهلكها أجمع ، ويؤديها الى التلف ، وأما النبات فكان يطول عليه حرّ النهار ووهج الشمس حتى يجف ويحترق ، كذلك الليل لو أمتد مقدار هذه المدة كان يعوق أصناف الحيوان عن الحركة والتصرف في طلب المعاش حتى تموت جوعا ، وتخمد الحرارة الطبيعية عن النبات حتى يعفن ويفسد كالذي تراه يحدث على النبات إذا كان في موضع لا تطلع عليه الشمس» (١)
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
ان آيات الله في الكون مبثوثة ، وروحك عطشى الى معرفة الحقيقة ، ولكن الحقيقة لن تأتي إليك إلا حين تذهب إليها أنت ، فأنت بحاجة الى إعمال ذهنك وتفكيرك كي تفهم وتتعظ من هذه الآيات ، والتفكير يعتمد على تحريك العقل واثارة دفائنه ، وربط الأشياء ببعضها ، وربطها كلها بخالقها ومدبرها.
(لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :
[٤] (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ)
أن الأرض تحتوي على قطع متجاورة يختلف بعضها عن بعض ، فبعضها ارض
__________________
(١) بحار الأنوار ـ ج ٣ ـ ص ١١٨