ويجوز أن تتعلّق الّلام «بالكذب» ، لأن «سمّاعون» الثّاني مكرر للتّأكيد ، أي : سمّاعون ليكذبوا لقوم آخرين.
[وفي مجمع البيان (١) : (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ) أرسلوهم في قصّة زان محصن ، فقالوا [لهم] (٢) : إن أفتاكم محمّد بالجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرّجم فلا تقبلوه. لأنّهم كانوا حرّفوا [حكم] (٣) الرّجم الّذي في التّوراة.
عن ابن عبّاس وجابر وسعيد بن المسيّب والسّديّ (٤).
وقال أبو جعفر ـ عليه السّلام (٥) ـ : وكان ذلك في أمر بني النّضير وبني قريظة.] (٦).
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) : أي : يميلونه عن مواضعه الّتي وضعه الله فيها. إمّا لفظا بإهماله ، أو تغيير وضعه. وإمّا معنى بحمله على غير المراد ، وإجرائه في غير مورده.
والجملة ، صفة أخرى «لقوم» ، أو صفة «لسمّاعون» ، أو حال من الضّمير فيه ، أو استئناف لا موضع له ، أو في موضع الرّفع خبر المحذوف ، أي : هم يحرّفون. وكذلك (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ) ، أي : إن أوتيتم هذا المحرّف ، أو ما اتّفق عليه رأيكم فاقبلوه واعلموا به.
(وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ) : بل أفتاكم محمّد بخلافه.
(فَاحْذَرُوا) : قبول ما أفتاكم به.
قال البيضاويّ (٧) : روي أنّ شريفا من خيبر زنى بشريفة وكانا محصنين. فكرهوا رجمهما ، فأرسلوهما مع رهط منهم إلى بني قريظة ليسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عنه ، وقالوا : إن أمركم بالجلد والتّحميم فاقبلوه ، وإن أمركم بالرّجم فلا. فأمرهم بالرّجم فأبوا عنه. فجعل ابن صوريا حكما بينه وبينهم ، وقال له : أنشدك بالله الّذي لا
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ١٩٤.
(٢ و ٣) من المصدر.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : السنديّ
(٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٥.