(إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ). فذلك ما فرض الله ـ عزّ وجلّ ـ على القلب من الإقرار ، وهو عمله ، وهو رأس الإيمان.
وفي من لا يحضره الفقيه (١) : قال أمير المؤمنين في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفيّة : وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الّذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال ـ إلى قوله ـ وقال ـ عزّ وجلّ ـ حين أخبر عن قوم أعطوا الإيمان بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم فقال ـ عزّ وجلّ ـ : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).
وفي كتاب الاحتجاج (٢) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وليس كلّ من وقع عليه اسم الإيمان كان حقيقا بالنّجاة ممّا هلك به الغواة ، ولو كان كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتّوحيد وإقرارها بالله ، ونجا سائر المقرّين بالوحدانيّة من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بيّن الله ذلك بقوله : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ). فالإيمان بالقلب هو التّسليم للرّب ومن سلّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره.] (٣).
(وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) : عطف على (مِنَ الَّذِينَ قالُوا).
(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم سمّاعون [. والضّمير للفريقين. أو «للّذين يسارعون».
ويجوز أن يكون مبتدأ «ومن الّذين» خبره ، أي : ومن اليهود قوم سمّاعون.] (٤) والّلام في «للكذب» إمّا مزيدة للتّأكيد ، أو لتضمّن السّماع معنى القبول ، أي : قابلون لما تفتريه الأحبار. أو للعلّة والمفعول محذوف ، أي : سمّاعون كلامك ليكذبوا عليك.
(سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) ، أي : لقوم آخرين من اليهود لم يحضروا مجلسك ، وتجافوا عنك تكبّرا وإفراطا في البغضاء ، والمعنى على الوجهين : أنّهم يصغون لهم ، قابلون كلامهم. أو سمّاعون منك لأجلهم والإنهاء إليهم.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٨٢ ، ضمن حديث.
(٢) الاحتجاج ١ / ٣٦٨ ، مع إسقاط بعض الجمل من آخره.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.