وساقها عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبعث إليها بثياب وطيب كثير ، وجهّزها ، وبعثها إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبعث إليها بمارية القبطيّة ، أمّ إبراهيم.
وبعث إليه بثياب وطيب وفرس. وبعث ثلاثين رجلا من القسّيسين فقال لهم : انظروا إلى كلامه ، وإلى مقعده ومشربه ومصلاه.
فلمّا وافوا المدينة ، دعاهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى الإسلام. وقرأ عليهم القرآن وإذ قال الله (١) : (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي) [التي أنعمت] (٢) (عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) ـ إلى قوله ـ (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فلمّا سمعوا ذلك من رسول الله بكوا ، وآمنوا. ورجعوا إلى النّجاشيّ ، فأخبروه خبر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقرأوا عليه ما قرأ عليهم ، فبكى النّجاشيّ وبكى القسّيسون. وأسلم النّجاشيّ ، ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه. وخرج من بلاد الحبشة يريد (٣) النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلمّا عبر البحر ، توفّي. فأنزل الله على رسوله (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) إلى قوله : (وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ..
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦) :
عطف التّكذيب بآيات الله على الكفر. وهو ضرب منه. لأنّ القصد إلى بيان حال المكذّبين وذكرهم في معرض المصدّقين بها جمعا ، بين التّرغيب والتّرهيب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا) : لا تمنعوا أنفسكم.
(طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) : ما طاب منه ولذّ.
قيل (٤) : كأنّه لمّا تضمّن ما قبله مدح النّصارى على ترهّبهم والحثّ على كسر النّفس ورفض الشّهوات ، عقّبه بالنّهي عن الإفراط في ذلك والاعتداء عمّا حدّ الله بجعل الحلال حراما. فقال :
(وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧) :
__________________
(١) المائدة / ١١٠.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : إلى.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٨٩.