وجواب الشّرط الثّاني محذوف ، أي : فافعل. والجملة جواب الأوّل.
والمقصود بيان حرصه البالغ على إسلام قومه ، وأنّه لو قدر أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السّماء لأتى بها ، رجاء إيمانهم.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) ، أي : لو شاء الله جمعهم على الهدى لجمعهم ، بأن يأتيهم آية يخضعوا لها ولكن لا يفعل لخروجه عن الحكمة.
في كتاب المناقب (١) لابن شهر آشوب ، بإسناده إلى سلمان الفارسيّ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عليّ ، إنّ الله قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمّة. ولو شاء الله ، لجمعهم على الهدى ، حتّى لا يختلف اثنان من هذه الأمّة ولا ينازع في شيء من أمره ، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله.
(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٥) : بالحرص على ما لا يكون والجزع في مواطن الصّبر. فإنّ ذلك من دأب الجهلة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : مخاطبة للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ والمعنى للنّاس.
وفي كتاب الاحتجاج للطّبرسيّ (٣) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل.
وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ مجيبا لبعض الزّنادقة ـ وقد قال : وأجده يقول قد بيّن فضل نبيّه على سائر الأنبياء ، ثمّ خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه وانتقاص (٤) محلّه وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء ، مثل قوله :
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) ـ : والّذي بدا في الكتاب من الإزراء على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ من فرية (٥) الملحدين.
وهنا كلام طويل مفصّل يطلب عند قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا).
(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) : بفهم وتأمّل ، يعني : إنّ الّذين تحرص على
__________________
(١) لم نعثر عليه في المناقب ، ولكن يوجد في كمال الدين / ٢٦٤ ، ضمن ح ١٠. وتفسير الصافي ٢ / ١١٧ عنه ، ونور الثقلين ١ / ٧١٤ ، ح ٦٣ عن المناقب ولعلّه سهو.
(٢) تفسير القمّي ١ / ١٩٨.
(٣) الإحتجاج ١ / ٣٦٦ و ٣٨٣.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وانخفاض.
(٥) المصدر : فرقة.